للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما شهدوا مُحِيرةَ إذْ ملأنا ... فروجَ الأرضِ فرساناً وغابا

ولا نَقْلانهنَّ بذاتِ غِسْلٍ ... وبالعَيْكَيْنِ يَحوينَ النهابا

صبحْناهمْ كتائبَ مُعْلَماتٍ ... تَكُرُّ الطعنَ فيهمْ والضِّرابا

وما شهدَتْ نساءُ بني حريصٍ ... غداةَ جَدودَ فرساناً غضابا

سبقْنا بالعلى وبنو كُلَيْبٍ ... تُبادرُ منزلَ الركْبِ الغُرابا

إناؤُكَ مِيلَغٌ كلْبٌ ... فلستَ بغالبٍ أحداً سِبابا

ولكنْ منكَ من تركَ السَّبابا ... تُعارضُ بالمُلمّعةِ الرِّكابا

فوارسُ من بني جُشَمِ بن بكرٍ ... همُ اغتصَبوا بناتِكمُ اغتِصابا

وفرسانُ الهُذَيلِ همُ استباحوا ... فُروجَ بناتِكمْ باباً فبابا

وقدْ كانتْ نساءُ بني كُلَيْبٍ ... لفَيْشَلَ من تَخلَّسَها عِيابا

إذا ابتلعَتْ مَناطقَها وطارتْ ... مَناطقُها إذا انتعلَتْ جِنابا

يفرُّ من الأذانِ أبو جريرٍ ... فإنْ نهِقَ الحمارُ لهُ استجابا

يطاردُ أتْنَهُ بذواتِ غِسْلٍ ... يُهِيجُ وِداقُهُنَّ لهُ هِبابا

تولِّيهِ الأتانُ إذا علاها ... سنابكَ من حوافرِها صِلابا

إذا قمصَتْ عضَضْتَ بكاذَتَيْها ... وإنْ رمحَتْ فإنّكَ لنْ تهابا

وفي كلِّ القبائلِ من كُلَيْبٍ ... كسرْنَ ثنيّةً وهتَمْنَ نابا

لعادَتِها التي كانتْ كُلَيْبٌ ... تُذيلُ بمثلِها الأُتنَ الصِّعابا

لعلّكَ يا بنَ ذاتِ النِّكثِ ترجو ... مُغالبَتي ولم ترِثِ الغِلابا

وأنتَ أذلُّ خلْقِ اللهِ نفساً ... وقومُكَ أكثرُ الثقَلَيْنِ عابا

فلولا النكْثُ تنسُجُهُ كُلَيْبٌ ... ألا تَبّاً لنِكْثِكمُ تَبابا

تعقّبْتُ الكُلَيْبَ ورنَّحَتْها ... ضواحي السبِّ تلتهبُ التهابا

بأعوَرَ من بني العَوراءِ نِكْثٌ ... رمى غرضَ النضالِ فما أصابا

دعا النزْوانَ يا جحشَيْ كُلَيْبٍ ... وذوقا إذْ قرَنْتُكُما الجِنابا

قرنتُكما بألوى مُستمِرٍّ ... يعِزُّ على مَعالجِهِ الجِذابا

إذا علِقَ المقارِنُ دقَّ منهُ ... من العنُقِ المُقدَّمِ أو أنابا

مِضَمٌّ يُلحقُ التالِينَ ضمّاً ... ويَشْتَعِبُ المُعقّبةَ اشتِعابا

وقال عمر يردّ على جرير:

أآبَ الهمُّ إذْ نامَ الرُّقودُ ... وطالَ الليلُ وامتنعَ الهُجودُ

هوىً للعينِ بينَ صَفا أُضاخٍ ... وحَيثُ سما لواردة العَمودُ

ولو نلتُ الخلودَ ولا أراكُمْ ... بذاكَ الجِزعِ لأمتنعَ الخلودُ

أراقبُ مِرْزَمَ الجوزاءِ حتى ... تَضمّنَهُ منَ الأفُقِ السجودُ

وعارَضَ بعد مسقطهِ سهيلٌ ... يلوحُ كأنهُ بدمٍ طريدُ

ودون مَزارِكمْ لسُرى المطايا ... منَ الأعلامِ أشباهٌ وبِيدُ

كأنَّ أُرومَها والآلُ طافٍ ... على أرجائِها نبَطٌ قُعودُ

ومنْ هضْبِ القَليبِ مُقنّعاتٌ ... ومَذْعاءُ اللقيطةِ والكَؤودُ

بدَتْ فتبرَّجتْ لكَ أمُّ بدرٍ ... وكَيداً بالتبرُّجِ ما تَكيدُ

فلمّا إنْ لججْتُ نأتْ وصدَّتْ ... ومنهنَّ التباعدُ والصدودُ

فكيفَ قتلتِني يا أمَّ بدرٍ ... ولا قتْلٌ عليكِ ولا حدودُ

فما احتجَبَتْ فتُؤنسُ أمُّ بدرٍ ... قلوبَ الطامعينَ وما تَجودُ

وطَرْفي إذْ رميْتُ بهِ كَليلٌ ... وطرفُكِ إذْ رميتِ بهِ حديدُ

وإنَّ العامريّةَ أمَّ بدرٍ ... لآنسةٌ مُباعدةٌ صَيُودُ

عوى لي الكلبُ كلبُ بني كُلَيْبٍ ... فأقْصدَهُ قُصاقِصَةٌ ورودُ

أبو شِبلَيْنِ في أجَمٍ وغِيلٍ ... تنكَّبُ عن فرائسِهِ الأُسودُ

فإنّكَ قد قرعْتَ صَفاةَ قومٍ ... تَكسَّرَ عن مناكبِها الحديدُ

وخيرٌ منكَ مأثُرةً ونفساً ... رمَيْناهُ فأقصدَهُ الوعيدُ

بفرسانِ الفرزدقِ عُذْتَ لمّا ... أتاكَ الوقْعُ واعترَكَ الوعيدُ

أترجو أن تُوازِنَ مجدَ تَيمٍ ... رجاءٌ منكَ تأمُلُهُ بعيدُ

فأقْعِ كما وجدْتَ أباكَ أقْعى ... وضَيمٌ قدْ أحاطَ بهِ شديدُ

ألمْ أترُكْكَ شرَّ الناسِ عبداً ... بيَثربَ حينَ شاهدَتِ الوفودُ

<<  <   >  >>