يا بنَ المراغةِ إنَّ شدّةَ خَيلِنا ... تركَتْ غُدانةَ والكُلَيْبُ فَنيدا
أيامَ سَجْحةَ يا جريرُ يقودُكمْ ... ألئِمْ بذلكَ قائداً ومَقُودا
ومجالَهُنَّ بذي المجاعةِ لم يدعْ ... من حضرَمَوتَ ولا الحِماسَ شَريدا
يومَ الخُزَيْمِ غداةَ كُبِّلَ بعدَما ... شَذُّوا مَواثقَ عندَنا وعهودا
ودفعْنَ عاديَةَ الهُذيلِ فلمْ يُرِدْ ... جيشٌ لتَغلِبَ بعدَها ليعودا
يا بنَ المراغةِ قد هجَوتَ مَجالساً ... وفوارساً يا بنَ المراغةِ صِيدا
سبقوا كُلَيْباً بالمكارمِ والعُلى ... فوقَ النمارقِ مُحْتَبِينَ قعودا
أتَرُومُ من بلغَ السماءَ بناءَهُ ... قد رُمتَ مُطَّلَعاً عليكَ شديدا
وقال عمر بن لجإٍ:
أمِنْ دِمنةٍ بالماتِحِيِّ عرفْتَها ... طويلاً بجَنبِ الماتحيِّ سُكونُها
عصى الدمعُ منكَ الصبرَ فاحْتَثَّ عَبْرَةً ... منَ العينِ إذْ فاضَتْ عليكَ جفونُها
محاها البِلى للحَولِ حتى تنكَّرَتْ ... كأنَّ عليها رَقَّ نِقْسٍ يَزِينُها
كِتابَ يدٍ من حاذقٍ مُتَنَطِّسٍ ... بمَسْطورةٍ منهنَّ دالٌ وسِينُها
فما أنصفَتْكَ النفسُ إنْ هيَ عُلِّقَتْ ... بكلِّ نوىً باتَتْ سِواكَ شَطُونَها
لها شجَنٌ ما قدْ أتى اليأسُ دونَهُ ... منَ الحاجِ والأهواءِ جَمٌّ شجونُها
أتى البخلُ دونَ الجودِ منْ أمِّ واصلٍ ... وما أحصَنَ الأسرارَ إلاّ أمينُها
وما خُنتُها إنَّ الخيانةَ كاسْمِها ... وما نصحَتْ نفسٌ لنفسٍ تخونُها
مددْتَ حبالاً منكَ حتى تقطَّعتْ ... إليَّ وما خانَ الحبالَ متينُها
ألا تلكَ يربوعٌ تَنُوخُ كهولُها ... على ابنِ وِثيلٍ حينَ أعيا هَجينُها
وما زلتَ مُغترّاً تظنُّكَ مُنْسأً ... مُعاقبتي حتى أتاكَ يقينُها
يسيرُ بها الركْبُ العِجالُ إذا سرَوا ... على كلِّ مِدلاجٍ يَجولُ وضِينُها
بتيهٍ تَحُوطُ الشمسَ عنها مَخُوفةٍ ... رواعي الحِمى من سُرَّةِ القفْرِ عِينُها
أهنْتُ جريرَ ابنَ الأتانِ وقومَهُ ... وأحسابُها يومَ الحفاظِ تُهينُها
لعَمرُكَ ما تدري كُلَيْبٌ منَ العمى ... على أيِّ أديانِ البريّةِ دِينُها
سبلُغُ يربوعاً على نأيِ دارِها ... عوارِمُ منّي سبَّبَتْها شجونُها
تَشِينُكَ يربوعٌ إذا ما ذكرْتَها ... وأنتَ إذا ما ذُدتَ عنها تَشينُها
فألأمُ أحياءِ البريّةِ حَيُّها ... وأخبثُ من تحتِ الترابِ دَفينُها
وكلَّ امرئٍ من طينِ آدمَ طينُهُ ... ويربوعُكمْ من أخبثِ الطينِ طينُها
ووَرقاءَ يربوعيةٍ شرُّ والدٍ ... غَذاها لئيمٌ فحلُها وجَنينُها
خبيثةُ ما تحتَ الثيابِ كأنّها ... جِفارٌ من الجَفرَيْنِ طالَ أُجونُها
إذا ذكرَتْ أعتادَها حنظليّةٌ ... تَرمْرَمَ قُنْباها فجُنَّ جنونُها
ومَيْثاءَ يربوعيةٍ تنطُفُ استُها ... إذا طحنَتْ حتى يسيلَ طحينُها
تنالُ الرَّحى من أسْكَتَيْها وبَظرِها ... قِطابٌ إذا الهادي نَحْتُهُ يَمينُها
ووُلِّهَ من سبْيِ الهُذَيلِ نساؤُكمُ ... فلمْ يُدركوها حينَ طالَ حَنينُها
وآخرُ عهدٍ منهمُ بنسائهمْ ... وقدْ عُقِدَتْ بالمؤخَراتِ قرونُها
مُردَّفةٌ تدعوكمُ وشِمالُها ... بخِلْفٍ وفي إثْرِ الهُذَيلِ يمينُها
فلوْ غِرتُمُ يومَ الحرائرِ لمْ تَرُحْ ... معَ القومِ أبكارُ النساءِ وعُونُها
ترى بينَ عينَيْها كتاباً مُبيَّناً ... منَ اللؤمِ أخزاها أبوها ودِينُها
وأخزى بني اليربوع إنَّ نساءَهمْ ... مقرّاتُ أوشالٍ لئامٌ مَعينُها
إذا أمرَعَتْ أخزَتْ رياحاً فُروجُها ... وإنْ أجدبَتْ أخزَتْ رياحاً بطونُها
نصونُ حِمى أحسابٍ تَيمٍ حَياؤُها ... وأحسابُ يربوعٍ سُدىً ما تَصونُها
وإنْ نُسِبتْ تَيمٌ أضاءَ طِعانُها ... وجوهُ القوافي فاستمرَّتْ مُتونُها
فنحنُ بنو الفرسانِ يومَ تناولَتْ ... رياحاً وفرَّتْ عاصمٌ وعَرينُها
وأبناءُ فرسانِ الكُلابِ وأنتمُ ... بنو مُردَفاتٍ ما تجِفُّ عيونُها