للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فما اطَّعَمَتْ بالنومِ حتى تَضمنَّتْ ... سَوابقَها من شَمْطَتَيْنِ حُلوقُ

وأصبحْنَ يستأنِسْنَ من ذي بُوانةٍ ... قَرىً دونَهُ هابِي الترابِ عميقُ

وأضحى تَعالى بالرحالِ كأنّها ... سَعالٍ بجَنبَيْ نخلةٍ وسَلوقُ

وبَشَّتْ بعُلْوِيِّ الرياحِ كأنّها ... أخو جَذْلَةٍ نالَ الإسارَ طَليقُ

برَيْتُ رَهيصَ الصُّلبِ عاريةَ القَرا ... بها منمرادِ النِّسْعَتَيْنِ سُلوقُ

تقاتلُ عن دامي الكُلى حينَ جرَّدَتْ ... منَ الطيرِ غِرْباناً لهنَّ نَغيقُ

وما لحقَ الغَيرانُ حتى تلاحقَتْ ... جِمالٌ تسامى في البُرِينَ ونُوقُ

أقولُ لعبدِ اللهِ بيني وبينَهُ ... لكَ الخيرُ أخبرْني وأنتَ صديقُ

لأنّي وإنْ علَّلْتُ صَحبي بسَرْحةٍ ... منَ السَّرْحِ موجودٌ عليَّ طريقُ

سقى السَّرْحةَ المِحلالَ بالبُهْرةِ التي ... بها السَّرْحُ دَجْنٌ دائمٌ وبُروقُ

بأجرعَ رابٍ كلَّ عامٍ يَعلُّهُ ... منَ الغيثِ عَرّاضُ الغَمامِ دَفوقُ

أبى اللهُ إلاّ أنَّ سَرْحَةَ مالِكٍ ... على كلِّ أفنانِ العِضاهِ تَروقُ

منَ النبْتِ حتى نالَ أفنانُها العُلا ... وفي الماءِ أصلٌ ثابتٌ وعُروقُ

فما ذهبَتْ عرْضاً ولا فوقَ طولِها ... منَ السَّرْحِ إلاّ عَشَّةٌ وسُجوقُ

تَورَّطَ فيها دُخَّلُ الصيفِ بالضحى ... ذُرى لَبساتٍ فَرعُهنَّ ورِيقُ

فيا طِيبَ رَيّاها ويا بردَ ظلِّها ... إذا حانَ من شمسِ النهارِ وَدُوقُ

حمى ظلَّها شكْسُ الخليقةِ خائفٌ ... عليها عُرامُ الطائفِينَ شَفيقُ

فلا الظلُّ من بردِ الضحى تستطيعُهُ ... ولا الفَيءُ من بردِ العشِيِّ تَذوقُ

وما وَجْدُ مُشتاقٍ أُصيبَ فؤادُهُ ... أخي شهواتٍ بالعِناقِ لَبيقُ

بأكثرَ من وجْدي على ظلِّ سَرحةٍ ... من السَّرحِ أو ضَحّى عليَّ رَفيقُ

ولولا وِصالٌ من عُمَيرةَ لمْ أكنْ ... لأصرمَها إنّي إذنْ لمُطيقُ

وقال حميد بن ثور، وقال يمدح الوليد بن عبد الملك بن مروان، ويرثي عبد الملك:

أبصرْتُ ليلةَ مَنزلي بتَبالةٍ ... والمرءُ تُسْهِرُهُ الهمومُ فيسهَرُ

ناراً لعَمْرَةَ بالرُّزونِ وأهلُنا ... بالأدهمَيْنِ تَباعَدَ المُتنوِّرُ

للهِ صاحبِيَ الذي أوفى لها ... ووقودُها ثَئِرٌ وكلٌّ ينظرُ

هبَّتْ لمَوقعِها جَنوبٌ رادَةٌ ... طَوراً تُخفِّضُها الجَنوبُ وتظهرُ

لمْ ألقَ عَمْرَةَ بعدَ إذْ هيَ ناشئٌ ... خرجَتْ مُعطَّفةً عليها مِئزرُ

برزَتْ عقيلةَ أربعٍ هادَيْنَها ... بِيضُ الوجوهِ كأنّهن العَبقَرُ

ذهبَتْ بعقلِكَ رَيطةٌ مَطْويّةٌ ... وهْيَ التي تَهذي بها لو تُنشَرُ

فهمَمْتُ أن أغشى إليها مَحْجراً ... ولمثلِها يُؤتى إليهِ المَحجَرُ

أبلِغْ أميرَ المؤمنينَ فإنّهُ ... فَطِنٌ يلومُ المُستَليمَ ويعْذِرُ

إنّي كبرْتُ وإنَّ كلَّ كبيرةٍ ... ممّا يُظنُّ بهِ يَملُّ ويَفتُرُ

وفقدْتُ شِرّاتي التي أودى بها ... زمنٌ يُطوِّحُ بالرجالِ وأعصُرُ

أنتمْ بجابِيَةِ الملوكِ وأهلُنا ... بالجَوفِ جِيرتُنا صُداءُ وحِمْيَرُ

فلئِنْ بلغْتُ لأبلُغَنْ مُتكلِّفاً ... ولئنْ قصَرتُ لكارهاً ما أُقصِرُ

أذِنَ الوليدُ لكمْ فسيروا سِيرةً ... أمّا تُبلِّغُكمْ وأمّا تَحسَرُ

سيروا الظلامَ ولا تَحلُّوا عُقدةً ... حتى يُجَلِّيَهُ النهارُ المُبصرُ

ويُرى الصباحُ كأنَّ فيهِ مُصْلِتاً ... بالسيفِ يحملُهُ حصانٌ أشقرُ

لا يدركُ الحاجاتِ إلاّ مُزمِعٌ ... والناجِياتُ من القِلاصِ الضُّمَّرُ

راحوا بساهمةِ العيونِ غُدوُّها ... مُصْعَنْفِرٌ ورَواحُها مُسْحَنْفِرُ

منْ كلِّ ناجيَةٍ يظَلُّ زِمامُها ... يسعى كما هربَ الشجاعُ المُنْفَرُ

قُلُصٌ إذا غَرِثَتْ فصولُ حبالِها ... شبعَتْ بَراذِعُها ومَيسٌ أحمرُ

تغدو مُواشكةَ العَنيقِ وتارةً ... يستعجلونَ عَنيقَها فتُشمِّرُ

تعلو بأذرُعِها إذا اسْتَنعى بها ... خَرِقٌ يموتُ بهِ العَجاجُ الأكدرُ

<<  <   >  >>