وما تُخلى لكمْ إبلي إذا ما ... رعتْ قطمانَ أو كنفيْ ركاحِ
ولمْ تحمُوا على نعمِ ابنِ سؤرٍ ... صوامَ إلى أذيرعَ فاللِّياحِ
فما لهمُ بمرتعهِ مندًّى ... ولا بحياضهِ أدنى نضاحِ
تشمَّسَ دونها عوفُ بن كعبٍ ... ببيضِ المشرفيَّةِ والرِّماحِ
وآل مقاعسٍ لمْ يخذلُوها ... على حربٍ أُريدَ ولا صلاحِ
وينصرُها منَ الأبناءِ جمعٌ ... حماةُ الحربِ مكروهُو النّطاحِ
وبانِي المجد حمّانُ بنُ كعبٍ ... وباني المجد وكِّلَ بالنَّجاحِ
وإنْ أدعُ الأجاربَ ينجدُوني ... بجمعٍ لا يهدُّ منَ الصِّياحِ
أولئكَ والدي وعرفتُ منهمْ ... مكاني غيرَ مؤتشبِ المراحِ
تقادُ وراءها بينَ الشَّماني ... وبصوةَ كلُّ سلهبةٍ وقاحِ
وكلُّ طمرَّةٍ شنجٍ نساها ... وعجلَى الشَّدِّ صادقة المراحِ
إذا اضطربَ الحزامُ على حشاها ... منَ الأعمالِ مضطربَ الوشاحِ
وخِنذيذٍ تصيدُ الرُّبدَ عفواً ... وقبَّ الأخدَريَّةِ في الصَّباحِ
كأنَّ مجالهنَّ ببطنِ رهبَى ... إلى قطمانَ آثارُ السِّلاحِ
كأنَّ ورائدُ المهراتِ فيهمْ ... جواري السِّندِ مرسلةَ السِّباحِ
كأنَّ الشَّاحجاتِ ببطنِ رهبَى ... لدى قنَّاصها بدنُ الأضاحي
فمنْ يعملْ إلينا قرضَ صدقٍ ... على حينِ التَّكشُّفِ والشِّياحِ
يجدهُ حينَ يكشفُ عنْ ثراهُ ... كذخرِ السَّمنِ في الأدمِ الصّحاحِ
ومنْ يعملْ بغشٍّ لا يضرنا ... وتأخذهُ الدَّوائرُ بالجناحِ
وقال نهشل أيضاً:
رأتْني ابنةُ الكلبيِّ أقصرَ باطلِي ... وكادتْ ندامَى رائدِ الخيلِ تنزفُ
وأصبحَ أخدانِي كأنَّ رؤوسهمْ ... حماطُ شتاءٍ بعدَ نبتٍ منصَّفُ
وقدْ كنتُ بالبيدِ القليلِ أنيسُها ... أقوفُ وأمضي قبلَ منْ يتقوَّفُ
فأصبحتُ ممَّا يحدثُ الدَّهرُ للفتى ... أقصُّ العلاماتِ التي كنتُ أعرفُ
إذا ما رأتْ يوماً مطيَّةَ راكبٍ ... تبصِّرُ من جيرانِها أو تكوِّفُ
تقولُ ارتحلْ إنَّ المكاسبَ جمَّةٌ ... فقلتُ لها إنِّي امرؤٌ أتعفَّفُ
وأرجو عطاءَ اللهِ من كلِّ جانبٍ ... وينفعُني المالُ الذي أتسخَّفُ
وأبغضُ إرقاصاً إلى ربِّ دارهِ ... لئيمٌ له كتَّانتانِ ومطرفُ
تجبَّرَ مالاً بعدَ لؤمٍ ودقَّةٍ ... كما شدَّ بالشَّعبِ الإناءُ المكتَّفُ
كمستمسكٍ بالحبلِ لولا اعتصامهُ ... إذنْ لتراماهُ من الجولِ نفنفُ
ينامُ الضُّحى حتَّى يطولَ رقادهُ ... ويقصرُ ستراً دونَ منْ يتضيَّفُ
يكونُ على الدِّيوانِ عبئاً وباعهُ ... قصيرٌ كإبهامِ النُّغاشيِّ أجدفُ
وإنْ أُنزلَ الخدَّامُ يوماً لضيعةٍ ... يقالُ لهُ انزلْ عنْ حماركَ أقلفُ
وإنْ أيَّهُ القومُ الكرامُ أجابهُ ... بجرجَيْهِ موشيُّ الأكارعِ موكفُ
على تكآتٍ من وسائدَ تحتَها ... سريرٌ كأنقاءِ النَّعامةِ يرجفُ
فلأياً بلأيٍ ما يكلِّمُ ضيفهُ ... لحينٍ ولا تلكَ المطيَّةِ تعلفُ
فيعطي قليلاً أو يكونُ عطاءهُ ... مواعدَ بخلٍ دونَها البابُ يصرفُ
رصادَ سحوقِ النَّخلِ يرصدُ حجَّةً ... ودونَ ثراها ليفُها المتليِّفُ
وإنَّ لنا من نعمةِ اللهِ هجمةً ... يهدهدُ فيها ذو مناكبَ أكلفُ
طويلُ القرا خاظي البضيعِ كأنَّما ... غذتهُ ديافٌ والقصيلُ المقطَّفُ
إذا بيَّتتهُ الرِّيحُ يُنبي سقيطَها ... خبائرهُ كأنَّما هي قرطفُ
يمشِّي عليها يرفئيٌّ كأنَّهُ ... ظليمٌ بصحراءِ الأباتمِ أصدفُ
ونجديَّةٌ حوٌّ كأنَّ ضروعَها ... أداوى سقاها منْ جلاميدَ مخلفُ
وجرداءُ من آلِ الصِّريح كأنَّها ... قناةٌ براها مستجيدٌ مثقِّفُ
وفتيانُ صدقٍ من عطيَّةِ ربِّنا ... بمثلهمْ نأبى الظَّلامَ ونأنفُ
وجرثومةٌ من عزِّ غرفٍ ومالكٍ ... يفاعُ إليها نستفيدُ ونسلفُ
ولكنْ ليالينا ببرقةِ بَرملٍ ... وهضبِ شروْرى دونَنا لا تصدَّفُ
ليالِي ما لي غامرٌ لعيالها ... وإذا أنا برَّاقُ العشيَّاتِ أهيفُ