للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إليها ولكنْ لا تدومُ خليقةٌ ... لمنْ في ذراعيهِ وشومٌ وأوقفُ

وداويَّةٍ بينَ المياهِ وبينَها ... مجالٌ عريضٌ للرِّياحِ وموقفُ

قطعتُ إلى معروفِها منكراتِها ... بعيرانةٍ فيها هبابٌ وعجرفُ

هجانٌ تبزُّ العفرَ فيءَ ظلالِها ... وتذعرُ أسرابَ القطا يتصيَّفُ

كأنِّي على طاوي الحشا باتَ بينهُ ... وبينَ الصَّبا من رملِ خيفقَ أحقفُ

يشيمُ البروقَ اللاَّمعاتِ وفوقهُ ... منَ الحاذِ والأرطى كناسٌ مجوَّفُ

ومرَّتْ عليهِ ليلةٌ رجبيَّةٌ ... إذا مرَّ صوتٌ مرَّ آخرُ مردفُ

يكفُّ برَوقيهِ الغصونَ وينتحي ... بظلفيهِ في هارِ النَّقا يتقصَّفُ

كما بحثَ الحسيَ الكلابيَّ منهلٌ ... يثيرُ الحصى دونَ العيونِ ويغرفُ

كأنَّ جماناً ضيَّعتهُ سلوكهُ ... رضابُ النَّدى في روقهِ يتزلَّفُ

إذا ناطفُ الأرطاةِ فوقَ جبينهِ ... تحدَّرَ جلَّى أنجلُ العينِ أذلفُ

وأصبح موْليُّ النَّدى في مرادهِ ... على ثمرِ البركانِ والحاذِ ينطفُ

فلمَّا بدتْ في متنهِ الشَّمسُ غدوةً ... وأقلعَ دجنٌ ذو همائمَ أوطفُ

أظلَّتْ لهُ مسعورةً يبتغي بها ... لحومَ الهوادي ابْنا بريدٍ وأعرفُ

سلوقيَّةٌ حصٌّ كأنَّ عيونَها ... إذا حرِّبتْ جمرٌ بظلماءَ مسدفُ

تضرَّى بآذانِ الوحوشِ فكلُّها ... حفيفٌ كمرِّيخِ المناضلِ أعجفُ

فكرَّ برَوقيهِ كميٌّ مناجدُ ... يخلُّ صدورَ الهادياتِ ويخصفُ

فلمَّا رأى أربابَها قد دنَوا لهُ ... وأزهفَها بعضُ الذي كانَ يزهفُ

أجدَّ ولم يعقبْ كما انقضَّ كوكبٌ ... وذو الكربِ ينجو بعدَما يتكنفُ

وأصبح كالبرق اليماني ودونه ... حقوف وأنقاء من الرمل تعزفُ

وليلة نجوَى مرجحنٍّ ظلامُها ... حواملُها من خشيةِ الشَّرِّ دلَّفُ

مخوفٍ دواهيها يبيتُ نجيُّها ... كأنَّ عميداً بينَ ظهريهِ مدنفُ

إذا القومُ قالُوا مَن سعيدٌ بهذهِ ... غداةَ غدٍ أو مَن يلامُ ويصلفُ

هديتُ لمنجَى القومِ مِن غمزاتِها ... نجاءَ المعلَّى يستبينُ ويعطفُ

وقومٍ تمنَّوا باطلاً فرددتُهمْ ... وإنْ حرَّفوا أنيابهمْ وتلهَّفوا

إذا ما تمنَّوا منيةً كنتُ بينَهم ... وبينَ المُنى مثلَ الشَّجا يتحرَّفُ

وقال نهشل:

أرقتُ لبرقٍ بالعراقِ وصُحبتي ... بحجرٍ وما طيَّاتُ قومي مِن حجْرِ

وميضٍ كأنَّ الرَّيطَ في حجراتهِ ... إذا انشقَّ في غرٍّ غواربهُ زهْرِ

كما رمحتْ بلْقاءُ تحمي فلوَّها ... دجوجيَّةُ المتنينِ واضحةُ الخصْرِ

شموسٌ أتتْها الخيلُ من كلِّ جانبٍ ... بمرجٍ فراتيٍّ تحومُ على مهْرِ

فإنِّي وقومي إن رجعتُ إليهم ... كذي العلقِ آلى لا ينولُ ولا يشري

لويتُ لهمْ في الصّدرِ منِّي نصيحةً ... وودّاً كما تُلوى اليدانِ إلى النحْرِ

ألا أيُّهذا المؤتَلي إنَّ نهشلاً ... عصَوا قبلَ ما آليتُ ملكَ بني نصْرِ

فلمَّا غلبْنا الملكَ لا يقسِروننا ... قسطْنا فأقبلنا منَ الهيلِ والبشْرِ

وصدَّ ابنُ ذي القرنينِ عنَّا ورهطهُ ... نسيرُ بما بينَ المشارقِ والقهْرِ

وقدْ علمتْ أعداؤنا أنَّ نهشلاً ... مصاليتُ حلالُو البيوتِ على الثَّغْرِ

نقيمُ على دارِ الحفاظِ بيوتَنا ... وإنْ قيلَ مرحاها نصبِّحُ أو تسري

لنا هضبةٌ صمَّاءُ من ركنِ مالكٍ ... وأسدُ كراءٍ لا توزّعُ بالزَّجْرِ

مداريهِ ما يُلقى بهِ أو مضيعةٍ ... أخوهمْ ولا يغضونَ عيناً على وتْرِ

همُ القومُ يبنونَ الفعالَ وينتمي ... إليهم مصابُ المالِ من عنتِ الدّهْرِ

ومنْ عدَّ مسعاةً فلا يكذبنَّها ... ولا يكُ كالأعمى يقولُ ولا يدري

ومستلحمٍ قد أنقذتهُ رماحُنا ... وقدْ كانَ منهُ الموتُ أقربَ من شبْرِ

دعانا فنجَّيناهُ في مشمخرَّةٍ ... معادةِ جيرانٍ تقلَّصُ بالغفْرِ

وجارٍ منعناهُ من الضَّيمِ والخنا ... وجيرانُ أقوامٍ بمدرجةِ الدَّهْرِ

إذا كنتَ جاراً لامرئٍ فارهبِ الخنا ... على عرضهِ إنَّ الخنا طرفُ الغدْرِ

<<  <   >  >>