وذدْ عنْ حماهُ ما عقدتَ حبالهُ ... بحبلكَ واسترهُ بما لكَ من ستْرِ
وخالي ابنُ جوَّاسٍ سعى سعيَ ماجدٍ ... فأدَّى إلى حيَّيْ قضاعة من بكْرِ
لعمري لقدْ أعطى ابنُ ضمرةَ مالهُ ... رفاقاً منَ الآفاقِ مختلفي النَّجْرِ
قرى مائةً أحمى لها ونفوسَها ... على حين لا يعطي الكريمُ ولا يقري
ألا إنَّ قومي راكزونَ رماحهمْ ... بما بينَ فلجٍ والمدينةِ من ثغْرِ
يذودونَ كلباً بالرِّماحِ وطيِّئاً ... وتغلبَ والصِّيدَ النَّواظرَ من بكْرِ
ألا إنَّ قومي لا يجنُّ بيوتهمْ ... مضيقٌ منَ الوادي إلى جبلٍ وعْرِ
ونحنُ منعْنا بالتَّناضبِ قومَنا ... وبتْنا على نارٍ تحرَّقُ كالفجْرِ
تضيءُ على القومِ الكرامِ وجوههمْ ... طوالُ الهوادي من واردٍ ومِن شقْرِ
نقائذَ أمثالَ القنا أعوجيَّةً ... وجرداً تُداوى بالغريضِ وبالنَّقْرِ
نعوِّدها الأقدامَ في كلِّ غمرةٍ ... وكرّاً بأيدٍ لا قصارٍ ولا عسْرِ
ويومٍ كأنَّ المصطلينَ بحرِّهِ ... وإنْ لم تكنْ نارٌ قيامٌ على الجمْرِ
صبرْنا لهُ حتَّى يريحَ وإنَّما ... تفرَّجُ أيامُ الكريهةِ بالصَّبْرِ
كأن رماح القوم في غمراته ... نواشط فراط نواضح في بئرِ
ونحنُ فليْنا لابنِ طيبةَ رأسهُ ... على مفرقِ الغالي بأبيضَ ذي أثْرِ
ونحنُ خضبْنا للخطيمِ قميصهُ ... بداميةٍ نجلاءَ من واضحِ النَّحْرِ
وحيَّ سليطٍ قد صبحْنا ووائلاً ... صبوحُ منايا غيرَ ماءٍ ولا خمْرِ
وليلةَ زيدِ الخيلِ نالتْ جيادُنا ... مُناها وحظّاً مِن أُسارى ومن ثأرِ
ونحنُ ثأرْنا من سميٍّ ورهطهِ ... وظبيانَ ما في حيِّ ظبيانَ من وتْرِ
وقاظَ ابنُ ذي الجدَّينِ وسط بيوتِنا ... وكرشاءَ في الأغلالِ والحلقِ السُّمْرِ
ونحنُ حبسْنا الخيلَ أن يتأوَّبوا ... على شجعاتٍ والجيادُ بنا تجري
حبسناهمْ حتَّى أقرُّوا بحكمِنا ... وأُدِّي أثقالُ الخميسِ إلى صخْرِ
أبي فارسُ الجونينِ قدْ تعلمونهُ ... ويومَ خفافٍ سارَ في لجبٍ مجْرِ
ونحنُ رأيْنا بينَ عمرٍو ومالكٍ ... كما شدَّ أعضادُ المهيضةِ بالجبْرِ
مئينَ ثلاثاً بعدما انشقت العصا ... وقد أُسلم الجاني وأتعبَ ذو الوفر
ولما رأى السَّاعونَ زلخاً مزلَّةٍ ... وسدَّ الثَّنايا غير مطَّلعٍ وعْرِ
نهضْنا بأثقالِ المئينَ فأصبحتْ ... عشيرتُنا ما مِن خبالٍ ولا كسْرِ
بعرجٍ يصمُّ الرَّاعيينَ حنينهُ ... ويجهدُ يومَ الوردِ ثائبةَ الجفْرِ
ومنَّا الذي أدَّى منَ الملكِ مازناً ... جميعاً فنجَّاها من القتلِ والأسْرِ
ونحنُ حويْنا بالقنا يومَ عانطٍ ... طريفاً ومولاها طريفَ بني عمرِو
ومولًى تداركناهُ من سوءِ صرعةٍ ... وقد قذفتْهُ الحربُ في لججٍ خضْرِ
كما انتاشَ مغموراً من الموتِ سابحٌ ... بأسبابِ صدقٍ لا ضعافٍ ولا بتْرِ
لنا هضبةٌ صمَّاءُ من صلبِ مالكٍ ... وأُسدُ فراءٍ لا توزَّعُ بالزَّجْرِ
إذا نهشلٌ ثابتْ إليَّ فما بنا ... إلى أحدٍ إلاَّ إلى الله من فقْرِ
يعارضُ أرواحَ الشِّتآنِ جابرٌ ... إذا أقبلتْ مِن نحوِ حورانَ أو مصْرِ
وقد علمتْ جمخُ القبائلِ أنَّني ... إذا ما رميتُ القومَ أُسمعُ ذا الوقْرِ
برجمِ قوافٍ تخرجُ الخبءَ في الصَّفا ... وتنزلُ بيضاتِ الأُنوقِ منَ الوكْرِ
وقال نهشل يرثي كثير بن الصَّلت الكندي، وكتبتها لجودتها، وهي قطعة ولم أدخلها في القصائد لأن شرطي القصائد:
حلفتُ فلمْ افجرْ بحيثُ ترقرقتْ ... دماءُ الهدايا من منًى وثبيرِ
لنعمَ الفتى عالَى بنو الصَّلتِ نعشهُ ... وأكفانهُ يخفقنَ فوقَ سريرِ
كأنَّكَ يا بنَ الصَّلتِ لم تحمِ مجحراً ... مضافاً ولمْ تجبرْ فناءَ فقيرِ
ولمْ تقضِ حاجاتِ الوفودِ ولم تقلْ ... لبيضٍ مصاليتَ ارحلُوا بهجيرِ
رأى في المطايا ذاتَ أشعبَ تامكٍ ... فكاستْ برجلٍ في المناخِ عقيرِ
فظلَّتْ عتاقُ الطَّيرِ تعفو مناخةً ... على سقطٍ من لحمِها وبقيرِ