أتصرمُ لهواً أمْ تُجدُّ لها وصلا ... وما صرمتْ لهوٌ لذي خلَّةٍ حبْلا
وما الوصلُ من لهوٍ بباقٍ جديدهُ ... ولا صائرٍ إلاَّ المواعيدَ والمطْلا
أباحتْ فلاةً من حمى القلبِ لم تكنْ ... أُبيحتْ على عهدِ الشَّبابِ ولا كهْلا
فإنْ تكُ لهوٌ أقصدتكَ فإنَّها ... تريشُ وتبري لي إذا جئتها نبْلا
على أنَّني لم أبلُ قولاً علمتهُ ... لغانيةٍ إلاَّ وجدتُ له دخلا
وردَّ جواري الحيّ لما تحمَّلوا ... لبيْنهمِ منا مخيَّسةً بزْلا
فتبَّعْتُ عينيَّ الحمولَ صبابةً ... وشوقاً وقد جاوزنَ من عالجٍ رمْلا
رفعنَ غداةَ البينِ خزّاً ويُمنةً ... وأكسيةَ الدِّيباجِ مبطنةً خملا
على كلِّ فتْلاءِ الذِّراعينِ جسرةٍ ... تمرُّ على الحاذينِ ذا خصلٍ جثْلا
وأعْيسَ نضّاخِ المقذِّ مفرَّجٍ ... يخبُّ على الحزّانِ يضْطلعُ الحملا
تناضلُ أيديهما بمستدرج الحصى ... وإنْ عيجَ من أعناقها وبلتْ وبلا
ظعائنَ من ليثِ بن بكرٍ كأنَّها ... دُمى العينِ لم يخزينَ عمّاً ولا بعلا
هجانٌ إذا استيقظنَ من نومةِ الضُّحى ... قعدنَ فباشرنَ المساويكَ والكحلا
رعابيبُ يركضنَ المُروطَ كأنَّما ... يطأنَ إذا أعنقنَ في جددٍ وحلا
ألا أيُّها المرءُ الذي ليسَ منصتاً ... ولا قائلاً إن قال حقًّا ولا عدلا
إذا قلتَ فاعلمْ ما تقولُ ولا تكنْ ... كحاطبِ ليلٍ يجمعُ الدِّقَّ والجزلا
فلو طُفتَ بينَ الشَّرقِ والغربِ لم تجدْ ... لقومٍ على قومي ولو كرموا فضلا
أعزَّ وأمضى في الصَّباحِ فوارساً ... إذا الخيلُ جالتْ في أعنَّتها قبلا
إذا الشَّولُ راحتْ وهي حدبٌ حدابرٌ ... وهبَّتْ شمالاً حرجفاً تُحفرُ الفحلا
رأيتَ ذوي الحاجاتِ يتَّبعوننا ... نهينُ لهمْ في الحجرةِ المالِ والرِّسلا
نقيمُ بدارِ الحزمِ ليسَ مزيلُنا ... مقاساتنا فيها الشَّصائصَ والأزلا
لنا السُّورةُ العليا وأوَّلُ شدَّةٍ ... إذا نحنُ لاقينا الفوارسَ والرَّجلا
نفينا سُليماً عن تهامةَ بالقنا ... وبالجردِ يمعلنَ السَّخاخَ بنا معلا
مضبَّرةً قبَّ البطونِ ترى لها ... متوناً طوالاً أُدمجتْ وشوًى عبلا
إذا امتُحنتْ بالقدِّ جاشتْ وأزبدتْ ... وإن راجعتْ تقريبها نقلتْ نقلا
بكلِّ فتًى رخو النِّجادِ سميدعٍ ... وأشيبَ لم يخلقْ جباناً ولا وغْلا
بأيديهمِ سمرٌ شدادٌ متونها ... من الخطِّ أو هنديَّةٌ أُحدثتْ صقلا
إذا ما فرغنا من قراعِ كتيبةٍ ... صرفنا إلى أخرى يكونُ لهمْ شغلا
وإن يأتنا ذو حاجةٍ يلفِ وسطنا ... مجالسَ ينفي فضلُ أحلامها الجهلا
تقولُ فنرضى قولها ونُعينها ... بقولٍ إذا ما أخطأ القائلُ الفصلا
مصاليتُ أيسارٌ إذا هبَّتِ الصَّبا ... نعفُّ ونغني عن عشيرتنا الثِّقلا
وعاذلةٍ هبَّتْ بليلٍ تلومني ... فلمّا غلتْ في اللَّومِ قلتُ لها مهلا
ذريني فإنَّني لا أرى الموتَ تاركاً ... بخيلاً ولا ذا جودةٍ ميِّتاً هزلا
متى ما أُصبْ دنيا فلستُ بكائنٍ ... عليها ولو أكثرتِ عاذلتي قُفلا
وماءٍ بموماةٍ قليلٍ أنيسهُ ... كأنَّ بهٍ من لونِ عرمضهِ غسلا
حبستُ بهِ خوصاً أضرَّ بنيِّها ... سرى اللَّيلِ واستفنى لها البلدَ المحلا
وقال عمرو بن شأسٍ وكانت له امرأة من رهطه يقال لها أم حسان بنت الحارث، وكان له ابن من أمةٍ سوداء اسمه عرار، وكانت تعيره به، وتؤذي عراراً ويؤذيها ويشتمها. فقال فيها عمرو بن شأس، وقال ابن الأعرابي: قال هذه القصيدة في الإسلام وأدرك الإسلام، وهو شيخ كبير:
ديارَ ابنةِ السَّعديِّ هندٍ تكلَّمي ... بدافعةِ الحومانِ والسَّلحِ من رممْ
لعمرُ ابنةِ السَّعديِّ إنِّي لأتَّقي ... خلائقَ تؤتى في الثّراءِ وفي العدمْ
وقفتُ بها ولم أكنْ قبلُ أرتجي ... إذا الحبلُ من إحدى حبائبيَ انصرمْ
وإنِّي لمزرٍ بالمطيّ تنقُّلي ... عليهِ وإيقاعُ المهنَّدِ بالعصَمْ