للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كإرشاشِ غربٍ بينَ قرنَيْ محالةٍ ... مقحَّمهُ دامي السَّلائقِ ناضِحُ

على جربةٍ تسنو فللغربِ مفرغٌ ... حثيثٌ وماءُ البئرِ في الدَّبرِ سائِحُ

لعمري وما عمري عليَّ بهيِّنٍ ... لقدْ طوَّحتْ ليلى الدِّيارُ الطَّوارِحُ

ومرَّ ببينٍ عاجلٍ مِن وصالِها ... سوانحُ طيرٍ غدوةً وبوارِحُ

فقلتُ لأصحابي أُسرُّ إليهم ... عزاءً كأنِّي بالذي قلتُ مازِحُ

صحا القلبُ عنْ ذكرِ الصِّبا غيرَ أنَّني ... تذكرني ليلى البروقُ اللَّوامِحُ

وعنَّ الهوى والشَّوقُ أمسى جميعهُ ... بليلى وممساها منَ الأرضِ نازِحُ

فيا ليتَ ليلى حينَ تنأى بها النَّوى ... يخبِّرنا عنها الرِّياحُ النَّوائِحُ

فتخبرنا ما أحدثَ الدَّهرُ بعدَنا ... وإنَّ الذي بيني وبينكِ صالِحُ

بعيدٌ عنِ الفحشاءِ عفٌّ عنِ الأذى ... ذليلُ دلالٍ عندَ ذي اللُّبِّ رابِحُ

عزيزٌ منعْنا بابهُ لا ينالهُ ... صديقٌ ولا بادي العداوةِ كاشِحُ

ودويَّةٍ من دونِ ليلى مظنَّةٍ ... بها مِن غواةِ النَّاسِ عاوٍ ونابِحُ

قطعتُ بموارِ الملاطينِ ممعجٍ ... إذا بلَّ ليتَيْهِ منَ الماءِ ناتِحُ

هبلٍّ مشلٍّ أرحبيّ كأنَّهُ ... إذا ما علا سهباً منَ الأرضِ سابِحُ

سريعُ لحاقِ الرَّحلِ غالٍ بصدرهِ ... إذا اغتالتِ السَّيرَ الصَّحاري الصَّحاصِحُ

وشعثٍ نشاوَى بالكرى قدْ أملَّهمْ ... ظهورُ المطايا والصَّحاري الصَّرادِحُ

أناخوا وما يدرونَ مِن طولِ ما سرَوا ... بحقٍّ أقفٌّ أرضمٌ أمْ أباطِحُ

فناموا قليلاً خلسةً ثمَّ راعهمْ ... ندايَ وأمرٌ يفصلُ الشَّكَّ جارِحُ

لذكرى سرتْ منْ آلِ ليلى فهيَّجتْ ... لنا حزَناً برحٌ منَ الشَّوقِ بارِحُ

وقد غابَ غوريٌّ من النَّجمِ لو جرى ... لغيبوبةٍ حتَّى دنا وهوَ جانِحُ

فقامُوا بظئرانٍ فشدُّوا نسوعَها ... على يعملاتٍ منعلاتٍ طلائِح

كماشٍ تواليها صيابٍ صدورُها ... عياهيمُ أيديها كأيدي النَّوائِح

تشكَّى الوجى من كلِّ خفٍّ ومنسمٍ ... على أنَّها تُؤتي الحصى بالسَّرائِح

وداعٍ مضافٍ قدْ أطفْنا وراءه ... وجانٍ كفيْنا البأسَ والبأسُ طالِحُ

وحيٍّ حلالٍ قد أبحْنا حماهمُ ... بوردٍ ووردٍ قدْ لقينا بناطِح

وجمعٍ فضضناهُ وخيلٍ كأنَّها ... جرادٌ تلقَّى مطلعَ الشَّمسِ سارحُ

صبرْنا لهمْ والصَّبرُ منَّا سجيَّةٌ ... بفتيانِ صدقٍ والكهولُ الجحاجِح

ففاؤوا بطعنٍ في النُّحورِ وفي الكُلى ... يجيشُ وضربٍ في الجماجمِ جارِح

ففزْتا بها مجداً وفاءَ عدوُّنا ... بحقدٍ وقتلٍ في النُّفوسِ الأوانح

فوارسُنا الحامُو الحقيقةَ في الوغى ... وأيسارُنا البيضُ الوجوهِ المسامحُ

وما سبَّ لي خالٌ ولا سبَّ لي أبٌ ... بغدرٍ وما مسَّتْ قناتي القوادحُ

وإنِّي لسبَّاقُ الرِّهانِ مجرِّبٌ ... إذا كثرتْ يومَ الحفاظِ الصَّوائحُ

أعاذلَ مهلاً إنَّما المرءُ عاملٌ ... فلا تُكثري لومَ النُّفوسِ الشَّحائح

دَعيني وهمِّي إنْ هممتُ وبُغيتي ... أعشْ في سوامٍ أوْ أطحْ في الطَّوائِح

فلَلمرءُ أمضى مِن سنانٍ إذا مضى ... وللهمُّ أكمى منْ كميّ مشايِح

فإنْ أحيَ يوماً ألقَ يوماً منيَّتي ... ولا بدَّ منْ رمسٍ عليهِ الصَّفائحُ

وقال رقيعٌ أيضاً:

عفتْ فردةٌ من أهلِها فشطيبُها ... فجزعُ محيَّاةٍ عفا فكثيبُها

عفوَّ التي أمّا بلاداً تبدَّلتْ ... وأمّا نهى شوقَ النُّفوسِ مشِيبُها

ولمْ تدرِ نفسُ المرءِ ما يجلبُ الهوى ... إليها ولا في أيِّ حيٍّ نصِيبُها

أفي الكرهِ أو فيما يحبُّ وإنَّما ... يعاقبُ أو يعفي النُّفوسَ حسِيبُها

يساقُ فيُلقى أو يُقادُ فينبَري ... إليه بمقدارٍ حمامٌ يصِيبُها

نعمْ ليسَ عندَ اللهِ ظلمٌ لتائبٍ ... يتوبُ ولا ذي قربةٍ يستثِيبُها

فقدْ طالَ ما ميَّلتُ بالغيِّ حقبةً ... وبالرُّشدِ والأخلاقُ جمٌّ ضرُوبُها

<<  <   >  >>