للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقدتُ وقادتْني رياضٌ بهيجةٌ ... جميلٌ تناهيها طويلٌ عزُوبُها

وأبلتْ وأبقتْ مِن حياتي قصائداً ... يفدِّي ويستبكي الرُّواةُ غرِيبُها

هلِ الحلمُ ناهي الجهلِ أو رائدُ الصِّبا ... ينجِّيكَ منهُ توبةٌ أو تتُوبُها

وقدْ كانَ أيَّامُ الغواني ضمانةً ... منَ الدَّاءِ يعيا بالشِّفاءِ طبِيبُها

ولا مثلَ يومٍ من جنوبَ تضعَّفتْ ... فؤادكَ والأيَّامُ جمٌّ عجِيبُها

دعتهُ جنوبُ النَّوفليّينَ بالهوى ... فما للشَّذى المدعوِّ هلاَّ يجِيبُها

بلبَّيكَ أو يُهدي لها حسنَ مدحةٍ ... تصبِّحها في أرضِها وتؤُوبُها

هجانٌ تنمَّتْ في الرَّوابي وزُيِّنتْ ... بخلقٍ وخلقٍ كاملٍ لا يعِيبُها

كأنَّ نقاً منْ عالجٍ تلتَقي ... ملاحفُها إذْ أُزرَّتْ وسبُوبُها

وما بعدتْ منَّا وفي اليأسِ راحةٌ ... وما اقتربتْ إلاَّ بعيداً قرِيبُها

مرادُ شموسِ الخيلِ تدنو وتتَّقي ... يدَ الرَّبِّ حتَّى لا ينالَ سبِيبُها

فقدْ أُعطيتْ فوقَ الغواني محبَّةً ... جنوبُ كما خيرُ الرِّياحِ جنُوبُها

إذا هيَ هبَّتْ زادتِ الأرض بهجةً ... يمانيَّةً يستنشرُ الميتَ طِيبُها

أدلَّ دليلُ الحبِّ وهناً فزارَنا ... وأحجِ بنفسٍ أنْ يلمَّ حبِيبُها

بِغيدٍ على قودٍ سرَوا ثمَّ هوَّموا ... بدويَّةٍ يعوي منَ الفقرِ ذئبُها

بعيدة ماءِ الرّكب يغتالُ سيرهمْ ... إذا قرَّبوا غيطانَها وسهُوبُها

إذا ما تدلَّى النَّجمُ واعصوصبتْ بهمْ ... نجائبُ صهبٌ ضمَّرٌ ونجِيبُها

ترامتْ بهمْ أرضٌ وأرضٌ فأصبحوا ... بحيثُ تلاقَى قفُّها وكثِيبُها

وقالوا دلوكَ الشَّمسِ ما يوردنَّكمْ ... بجهدٍ ومنهمْ مَن يقولُ غرُوبُها

فجاؤوا ولا وردٌ على الماءِ غيرهمْ ... ولا الماءُ مأمونُ الحياضِ شرِيبُها

فأدلَوا فردُّوا سجلَ أجنٍ كأنَّما ... بهِ غسلةٌ حنَّاؤها وصبِيبُها

فعادوا فساموها لكلِّ مطيَّةٍ ... منَ الشَّربِ ما أدَّى إليها ذنُوبُها

فلمَّا سقَوها واستقَوا قلَّصتْ بهمْ ... تخطَّى أهاويّاً لأُخرى تجُوبُها

تراعى بأثلامِ الرِّعانِ كأنَّها ... على مستوًى إصعادُها وصبُوبُها

تُقاسي أولاتَ الظَّعنِ منها فترعوي ... وبالنَّقرِ والأشلاءِ يرقى أدِيبُها

متى ما تدعْنا أو ندعْها لغيرِنا ... فقدْ أُعملتْ حيناً وحلَّتْ لحوبُها

وقال رقيع أيضاً:

أجدَّكَ شاقتكَ الحمولُ البواكرُ ... نعمْ ثمَّ لمْ يعذركَ بالبينِ عاذِرُ

بلى إنَّ نفسي لمْ تلمني ولمْ أبتْ ... على غدرةٍ والخائنُ العهدِ غادِرُ

ولمْ أدرِ ما المكرُ الذي أزمعوا بنا ... فأحذرهُ حتَّى أُمرَّ المرائِرُ

وحتَّى رأيتُ الآلَ يُزهي حمولهمْ ... كما استنَّ من فوقِ الفراتِ القراقِرُ

فسبَّحتُ واسترجعتُ والبينُ روعةٌ ... لمنْ لم يكنْ ترعي عليهِ المقادِرُ

وآنستُ في الأعداءِ حولي شماتةً ... بها نظرتْ نحوي العيونُ النَّواظِرُ

وقال الخليُّونَ انتظرْ أنْ يصورهمْ ... إليكَ إذا ما الصَّيفُ صارَ المصابِرُ

فقلتُ لأصحابي ارحلوا إنَّما المُنى ... لحاقٌ بهمْ إنْ بلَّغتنا الأباعِرُ

تودِّعْ وداعَ البينِ أو ترتجعْ هوًى ... جديداً على عصيانِ مَن لا يوامِرُ

فما ألحقتنا العيسُ حتَّى تفاضلتْ ... وحتَّى على طيَّ البرينِ المكاوِرُ

وحتَّى اعتممنَ البرسَ من خلجِها البُرى ... يكونُ لثاميهِ الذي لا يطايِرُ

إذا ما تغنَّى راكبٌ أجمزتْ بهِ ... جماهرةٌ خطّارةٌ أو جماهِرُ

نسوفُ لطرفِ العينِ أمّاً ورقبةً ... شديد حزيمِ الزَّورِ بالسَّيرِ ماهِرُ

مجدٌّ كقدحِ الفرضِ بالكفِّ صكّهُ ... على عادةٍ منهُ خليعٌ مقامِرُ

بحيثُ التقتْ أحلاسهُ مِن دفوفهِ ... مواردُ مِن أنساعهِ ومصادِرُ

إذا شكَّ لحييهِ لغامٌ أزالهُ ... سديسٌ ونابٌ كالشَّعيرةِ فاطِرُ

وحبّ حبيبٍ قدْ دعاني لهُ الهوى ... وراحلةٍ قد أعملتْها تماضِرُ

<<  <   >  >>