أوحشَ النخلُ منْ نعاملَ فالرَّ ... وضاتُ بينَ الغِياءِ فالنُّجُدِ
بدلتِ الوحشَ بالأنيسِ لمَا ... مرَّ عليها من سالفِ الأبدِ
بعدَ سوامٍ تعلُو مسارحهُ ... تسمعُ فيهِ جوائزَ النقدِ
يحرسُ أكلاءهُ ويحفظهُ ... كلَّ عنودِ القيادِ كالمسدِ
وسابحٍ مدمجٍ نحيزتهُ ... طرفٌ كتيس الظباء منجرد
ليستْ لهُ نبوةٌ فنكرهها ... يومَ رهانٍ منهُ ولا طردِ
يا هلْ ترى البرقَ بتُّ أرقبُهُ ... في مكفهرٍّ نشاصُهُ قردِ
مالَ على قبَّةِ البَثاءِ فعزَّ ال ... مترُ بينَ الرجلاءِ فالجمدِ
يتركُ منها النهاءَ مفرطةً ... مثل الرياطِ المنشورةِ الجددِ
إذا مرتْهُ ريحٌ يمانيةٌ ... يردُّ ريعانُهُ إلى نضدِ
إنْ أمْسِ رمساً تحتَ الترابِ فهل ... تصرفُ بعدي المنونُ عن أحدِ
كل امرئٍ فاقدٌ أحبتهُ ... ومسلِمٌ وجههُ إلى البلدِ
وقد أغادي الحانوتَ أنشرهُ ... بالرحلِ فوق العيرانةِ الأجدِ
تنفذُ عيني إلى الكياسِ ولا ... أسكرُ من ريحها ولم أكدِ
وأتركُ القرنَ في المكرّ وقدْ ... أقتلُ جوعَ المحولِ الصردِ
وأهبطُ العازبَ المخوفَ بهِ ... الموتُ نهاراً بسابحٍ نهدِ
أجردَ مدلوكةٌ معاقمهُ ... فقمٌ كشاةِ الصريمةِ العتدِ
لمْ يتخاوش من النقابِ ولمْ ... يزرِ بهِ قيظهُ ولمْ يردِ
وقال خفاف: البسيط
ما هاجَكَ اليومَ من رسمٍ وأطلالِ ... منها مبينٌ ومنها دارسٌ بالِ
بينَ سنامٍ وهضميهِ وذي بقرٍ ... كأنها صحفٌ يخطها تالي
دارٌ لقيلَةَ إذْ قلبي بها كلفٌ ... أقوت منازلُها من ْ بعدِ أحوالِ
تمشي النعاجُ بها والعينُ مطفلةٌ ... إلى رواشحَ قد حفتْ وأطفالِ
ظللتُ فيها كيئباً غيرَ مضطلعٍ ... همي وأسبلَ دمعي أيَّ إسبالِ
وجسرةِ الخلقِ منفوجٍ مرافقُها ... عيرانةٍ كوبيلِ القسِّ شملالِ
تعدو إذا وقعت منْ غرزها قدَمي ... عدو شتيمٍ على حقباءَ مجفالِ
صعلٌ أتاهُ بياضٌ من شواكلهِ ... جونَ السراةِ أجشَّ الصوتِ صلصالِ
يغدُو على شُسُبٍ شُعثٍ عقايقُها ... كأنَّ تصويته تصويتُ إهْلالِ
أو فوقَ أحقبَ يقرو رملَ واقصةٍ ... في رعلةٍ كشقيق التجرِ أمْثالِ
قد خضبَ الكعبُ من نسفِ العروقِ بهِ ... من الرُّخامى بجنبيْ حزمِ أورَالِ
هبتْ عليهِ سمومُ الصيفِ لاهبةً ... وكفتِ الماءَ عنهُ صدرَ شوالِ
إلا التمادَ فما ينفكُّ يحفرُها ... أو طحلُباً بأعالي اللصبِ أو شالِ
خضراَ كسينَ دوينَ الشمسِ عرمضهُ ... في رأسِ شاهقةٍ عيطاءَ مضلالِ
كأنَّ كوكبَ نحسٍ في معرَّسةٍ ... أو فارسيَّاً عليه سَحْق سِرْبالِ
فَعارضتْ بكَ في خرْقٍ لهُ قَتَمٌ ... تزقُو بهِ الهَامُ ذي قوزٍ وأميالِ
تنادِي الرَّكب جَاروا عنْ طريقهمُ ... ويتقونَ بهادٍ غيرِ مضلالِ
إنْ تعرِضي وتضني بالنوالِ لنَا ... فواصِلنَّ إذا واصلتِ أمثالِي
إني صبورٌ على مانابَ معترفٌ ... أصرفُ الأمرَ من حالٍ إلى حالِ
أنمِي إلى مجدِ أجدادٍ لهمْ عددٌ ... مذللينَ لوطءِ الحقِّ أزوالِ
القائمينَ لأمرٍ لا يقُومُ لَهُ ... إلا هُمُ ومحاميلٌ لأثقالِ
والمطعمينَ إذا هبتْ شآميةٌ ... تذري الهشيمَ وثمَّ الدندنِ البالي
ومرصدٍ خائفٍ لا يستطيفُ بهِ ... من المسامحِ إلاّ المُشفِقِ الخَالي
قدْ عودُوهُ قياداً كُلَّ سلْهَبةٍ ... تنطو الخَميْسَ ونِعْمَ الجَوْز ذَيّالِ
يُجْذَبْنَ في قِددِ الأَرسانِ قافلةً ... مثلَ القسيِّ بَرَا أعطافها الفَالي
وقال خفاف أيضاً: الوافر
ألا صرمتُ منْ سلْمَى الزمامَا ... ولمْ تنجدْ لمَا يبغَى قواما
وفاجأنِي فراقُ الحيِّ لمَّا ... أشطَّ نواهُمُ إلاّ لمامَا
وما إنْ أحورُ العينينِ طفلٌ ... تتبعَ روضةً يقرُو السلامَا
بوجْرةَ أو ببطنِ عقيقِ بُس ... يقيلُ بهِ إذا ما اليومُ صَامَا
إذا ما اقتافَها فحنتْ عليهِ ... دنتْ من وهْدِ دانيةٍ فنَاما