حدثني إبراهيم بن حرب الكوفي قال: حدثني ابن الداية قال: اجتمع أبو نواس ومسلم بن الوليد والخليع وجماعة من العراء في مجلس، فقال بعضهم: أيكم يأتيني ببيت شعر فيه آية من القرآن وله حكمه؟ فأخذوا يفكرون فيه، فبادر أبو نواس فقال:
وفتية في مجلس وجوههم ... ريحانهم قد أمِنوا الثقيلا
دانية عليهم ظلالها ... وذللت قطوفها تذليلا
فتعجبوا وأفحموا ولم يأت أحد منهم بشيء. قال محمد بن عبد الوهاب: فسمعت بعد ذلك بمدة بيتاً لدعبل استحسنته وهو:
ويخزهم وينصركم عليهم ... ويشف صدور قوم مؤمنينا
حدثني نصر بن محمد قال: أخبرني ابن أبي شقيقة الوراق قال: كان يجتمع الشعراء في دكان أبيه ببغداد وإن أبا العتاهية حضرهم يوماً، فتناول دفتراً ووقع على ظهره ينشد:
أيا عجبا كيف يُعصى الإل ... هُ أم كيف يجحده الجاحدُ
ولله في كل تحريكة ... وتسكينة أبداً شاهدُ
وفي كل شيء له آيةٌ ... تدل على أنه واحد
فلما كان من الغد جاء أبو نواس، فجلس فتحدث ساعة، ووقعت عينه على ذلك الدفتر، وقرأ الأبيات. فقال: من صاحبها؟ لوددت أنها لي بجميع شعري: فقلنا، أبو العتاهية، فكتب تحتها