رأيت أنّ كتاب ابن فَتّوح الهَمْدَانيّ هذا يتناول تراجم البغداديّين والإِسكندرانيّين بشكلٍ واضحٍ، ويَتَعَرَّض لتراجم أُخْرَى من غيرهما أيضًا من الأقطار المختلفة الَّتى دَخَلها فى أثناء رحلاته العِلْمِية، وهؤلاء الَّذين ترجم لهم المؤلف غالبُهم من شُيُوخه، أو من شيوخ مشَايِخه، أو من رُفَقائه وأصحابه فى العِلْم، كما أَنَّه ترجم لِقِسمٍ كَبِيرٍ من المُتَقَدِّمِين الذين لم يذكرهم الحافظ ابن نُقْطَة فى كتابه "تكملة الإكمال"، فاستدركهم المُؤلِّف عليه، وفى الكتاب قسم مُعْتَدّ به، ترجم لهم ابن نُقْطَة فى مَادّة مشتبهة مع أنَّهم يدخلون فى مادّة أخرى أيضًا لم يترجم لهم ابن نقطة فيها، فترجم لهم ابن سَلِيم فى تلك المَادَّة.
مثال ذلك: ترجم ابن نقطة لأبى الثَّنَاء شُكر بن صَبْرَة فى مادَّة "صَبْرَة" فى باب (صَبِرَة وصِيرَة وصَبْرَة) ولم يترجم له فى مَادّة الأَغَرَّ فترجم له مَنْصُورٌ فيها، لأنَّه أبو الثَّنَا شُكْر بن صَبْرَة بن سَلَامة بن حَامِد ابن مَنْصُور بن كَثير بن الأَغَرّ العوفي، ويمكن تَلْخِيص مَصَادِر الكتاب فيما يلى:
١ - المشافهة والسَّمَاع
فَالمُشَافَهة والسَّمَاع من أهم مَصَادِر هذا الكتاب، وهذا أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ، لأنَّ ابن فَتُّوح الهَمْدَانيّ كان خَرَّج لنفسه "مُعْجَمًا لشُيُوخِه" كما هو مذكور فى مؤلّفاته، فهو يكثر هنا من تراجم شُيوخِه فترجم لِحَوالى مائتين وسِتِّين شَيْخًا من مَشَايِخِه الَّذين رَوَى أو كَتَب عنهم مُبَاشَرَةً، ومن بينهم إحدى وعشرون امرأةً.