الشمس أو القمر، وحمل بعضهم الأمر في قوله:{لاَ تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلاَ لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}[فصلت: ٣٧] على صلاة الكسوف؛ لأنه الوقت الذي يناسب الإعراض عن عبادتها، لما يظهر فيهما من التغيير والنقص المنزَّه عنه المعبود - جلَّ وعلا وسبحانه وتعالى.
* * *
الحديث الرابع
عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال:"خسفت الشمس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقام فزعًا يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام فصلى بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاته قطُّ، ثم قال: إن هذه الآيات التي يرسلها الله - تعالى - لا تكون لموت أحد ولا لحياته، ولكن الله يرسلها يخوِّف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئًا فافزعوا إلى ذكره وإلى دعائه واستغفاره)) .
فيه دليلٌ على مشروعية تطويل صلاة الكسوف، وفيه الندب إلى الذكر والدعاء والاستغفار؛ لأنه مما يدفع به البلاء.
قوله: "فقام فزعًا يخشى أن تكون الساعة" قدر - صلى الله عليه وسلم - وقوعها لولا ما أعلمه الله - تعالى - بأنها لا تقع قبل الأشراط تعظيمًا منه لأمر الكسوف؛ ليبين لِمَن يقع له من أمته ذلك كيف يخشى ويفزع.
قوله:((فافزعوا إلى ذكره)) ؛ أي: التجئوا وتوجَّهوا، وفيه أن الالتجاء إلى الله عند المخاوف بالدعاء والاستغفار سببٌ لمحو ما فرط من العصيان يرجى به زوال
المخاوف، وأن الذنوب سببٌ للبلايا والعقوبة العاجلة والآجلة، نسأل الله - تعالى - رحمته وعفوه وغفرانه.