للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث الثالث

عن حفصة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت: يا رسول الله، ما شأن الناس حلُّوا من العمرة ولم تحلَّ أنت من عمرتك؟ قال: ((إني لبَّدت رأسي وقلَّدت هديي، فلا أحلُّ حتى أنحر)) .

قوله: ((إني لبَّدت رأسي)) قال الحافظ: هو أن يجعل فيه شيء ليلتصق به، ويُؤخَذ منه استحباب ذلك للمحرم؛ أي: لئلاَّ يتشعَّث شعره في الإحرام.

قوله: ((فلا أحلُّ حتى أنحر)) ؛ يعني: يوم النحر، وفي رواية: ((فلا أحلُّ حتى أحلَّ من الحج)) ، قال الحافظ: استدلَّ به على أن مَن ساق الهدي لا يتحلَّل من عمل العمرة حتى يهلَّ بالحج ويفرغ منه؛ لأنه جعل العلَّة في بقائه على إحرامه كونه أهدى، وكذا وقع في حديث جابر، وأخبر أنه لا يحلُّ حتى ينحر الهدي، وهو قول أبي حنيفة وأحمد ومَن وافَقَهما، ويؤيِّده قوله في حديث عائشة: ((فأمَّا مَن لم يكن ساق الهدي فليحل) ، والأحاديث بذلك متضافرة؛ والذي تجتمع به

الروايات أنه - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا؛ بمعنى: أنه أدخل العمرة على الحج بعد أن أهلَّ به مفردًا، لا أنه أوَّل ما أهل أحرم بالحج والعمرة معًا.

وقال النووي: الصواب الذي نعتقده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قارنًا، وقال عياض: وأمَّا إحرامه - صلى الله عليه وسلم - فقد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردًا، وأمَّا رواية مَن روى: ((متمتعًا)) فمعناه أمر به؛ لأنه صرَّح بقوله: ((ولولا أن معي الهدي لأحللت)) فصحَّ أنه لم يحلَّ، وأمَّا رواية مَن روى القِرَان فهو إخبار عن آخر أحواله؛ لأنه أدخل العمرة على الحج لما جاء إلى الوادي، وقيل له: قل عمرة في حجة.

قال الحافظ: وهذا الجمع هو المعتمَد، ويترجَّح رواية مَن روى القِرَان بأمور منها: أن معه زيادة علمٍ على مَن روى الإفراد وغيره، وبأن مَن روى الإفراد والتمتُّع اختلف عليه في ذاك.

إلى أن قال: ومقتضى ذلك أن يكون القِرَان أفضل من الإفراد والتمتُّع،

<<  <   >  >>