قال ابن مفلح في "الفروع": وتشترط الطهارة من حدث، قال القاضي وغيره: الطواف كالصلاة في جميع الأحكام إلا في إباحة النطق، وعنه: يجبره بدم، وعنه: إن لم يكن بمكة، وعنه: يصحُّ من ناسٍ ومعذور فقط، وعنه: يجبره بدم، وعنه: وكذا حائض، وهو ظاهر كلام القاضي وجماعة، واختاره شيخنا؛ يعني: شيخ الإسلام ابن تيميَّة، وأنه لا دم لعذر، ونقل أبو طالب: والتطوُّع أيسر وإن طاف فيما لا يجوز له لبسه صحَّ وفدى، ذكره الآجرِّي، انتهى.
قوله:"قالت: يا رسول الله، تنطلقون بحجة وعمرة وأنطلق بحج، فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن يخرج معها إلى التنعيم، فاعتمرت بعد الحج"، وفي رواية:"في ذي الحجة، وأن سراقة بن مالك بن جعشم لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالعقبة وهو يرميها، فقال: ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ قال:((لا، بل للأبد)) .
قال الحافظ: الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب وقع عمَّا هو أعمُّ من ذلك؛ أي: فيتناول جواز العمرة في أشهر الحج، وجواز القِرَان، وجواز فسخ الحج إلى العمرة، انتهى.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع فأهللنا بعمرة، ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن كان معه هدي فليهلَّ بالحج، ثم لا يحلُّ حتى يحلَّ منهما جميعًا، فقدمت مكة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((انقضى رأسك وامتشطي وأهلِّي بالحج ودعي العمرة)) ، ففعلت، فلمَّا قضينا الحج أرسلني النبي - صلى الله عليه وسلم - مع عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فاعتمرت، فقال: هذه مكان عمرتك، قالت: فطاف الذين كانوا أهلُّوا بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة ثم حلُّوا ثم طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منًى، وأمَّا الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافًا واحدًا"؛ متفق عليه.
قال الحافظ: وفي الحديث جواز الخلوة بالمحارم سفرًا وحضرًا، وإرداف المحرم محرمه معه، واستدلَّ به على تعيُّن الخروج إلى الحلِّ لِمَن أراد العمرة ممَّن كان بمكة.