وعن جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((نحرت ها هنا ومني كلها منحر فانحروا في رحالكم، ووقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقفت ها هنا وجمع كلها موقف)) ؛ رواه أحمد ومسلم وأبو داود، ولابن ماجه وأحمد أيضًا نحوه، وفيه: كل فِحَاجِ مكة طريق ومنحر.
وعن أسامة بن زيد قال:"كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات، فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته، فسقط خطامها، فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى"؛ رواه النسائي.
قال الموفق: والمستحبُّ أن يقف عند الصخرات وجبل الرحمة ويستقبِل القبلة؛ لما جاء في حديث جابر:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة"، انتهى.
تنبيه:
ما يفعله العوامُّ من استقبال قرن عرفة واستدبار القبلة عند الدعاء بدعة مخالفة للسنة، ولا أعلم لذلك أصلاً من كتاب الله - تعالى - ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولا قول مَن يقتدي به، وبالله التوفيق.
* * *
الحديث الخامس
عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع فجعلوا يسألونه، فقال رجل: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح، قال:((اذبح ولا حرج)) ، وقال الآخر: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي، فقال:((ارمِ ولا حرج)) ، فما سُئِل يومئذٍ عن شيء قدم ولا أخر إلا قال:((افعل ولا حرج)) .
قوله: "عن عبد الله بن عمر"، قال الحافظ: هو ابن العاص، بخلاف ما وقع في بعض نسخ "العمدة"، وشرح عليه ابن دقيق العيد ومَن تبعه على أنه ابن عمر.
قوله: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع"؛ أي: بمنًى "فجعلوا يسألونه"، وفي رواية:"رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - عند الجمرة وهو يسأل"،