عن رافع بن خديج - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث، وكسب الحجام خبيث)) .
قوله:"نهى عن ثمن الكلب" قال الحافظ: ظاهر النهي تحريم بيعه، وهو عام في كل كلب معلَّمًا كان أو غيره ممَّا يجوز اقتناؤه أو لا يجوز، ومن لازم ذلك أن لا قيمة على متلفه وبذلك قال الجمهور، انتهى.
وقال عطاء والنخعي: يجوز بيع كلب الصيد دون غيره؛ لما روى النسائي عن جابر قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب إلا كلب صيد"، قال الحافظ: أخرجه النسائي بإسناد رجال ثقات إلا أنه طُعِن في صحته.
قوله:"ومهر البغي" هو ما تُعطَاه على الزنا، وسُمِّي مهرًا على سبيل المجاز، وهو حرام لأنه في مقابلة حرام.
قوله:"وحلوان الكاهن" هو ما يُعطَاه على كهانته، قال الحافظ: وهو حرام بالإجماع؛ لما فيه من أخذ العِوَض على أمر باطل، وفي معناه التنجيم والضرب بالحصا وغير ذلك مما يتعاطاه العرَّافون من استطلاع الغيب، والكهانة ادِّعاء علم الغيب؛ كالإخبار بما سيقع في الأرض مع الاستناد إلى سبب، والأصل فيه استراق الجني السمعَ من كلام الملائكة فيلقيه في أذن الكاهن.
والكاهن لفظٌ يُطلَق على العراف، والذي يضرب بالحصا، والمنجم؛ ويطلق على مَن يقوم بأمرٍ آخر ويسعى في قضاء حوائجه، وقال الخطابي: الكهَنَة قومٌ لهم أذهان حادَّة، ونفوس شرِّيرة، وطباع ناريَّة، فألِفَتهم الشياطين لما بينهم من التناسب في هذه الأمور وساعدتهم بكلِّ ما تصل قدرتهم إليه.
قوله:((وكسب الحجام خبيث)) وفي حديث ابن عباس: "احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأعطى الحجام أجره، ولو كان حرامًا لم يعطه"، قال الحافظ: واختلف العلماء في كسب الحجام؛ فذهب الجمهور إلى أنه حلال، واحتجُّوا بحديث ابن عباس قالوا: