بتمرٍ كيلاً، وإن كان كرمًا أن يبيعه بزبيب كيلاً، وإن كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كلِّه".
قوله: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة"، وفي رواية: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه ولا تبيعوا الثمر بالتمر)) .
قال سالم: وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّص بعد ذلك في بيع العرايا بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص في غيره)) ، وحقيقة المزابنة بيع مجهول بمعلوم من جنسه، ومن صورها أيضًا ما روى البخاري عن ابن عمر، والمزابنة أن يبيع الثمر بكيل إن زاد لي وإن نقص فعليَّ.
قال الحافظ: ولا يلزم من كونها ثمارًا ألاَّ تسمى مزابنة؛ واستدلَّ بأحاديث الباب على تحريم بيع الرطب باليابس ولو تساويا في الكيل والوزن؛ لأن الاعتبار بالتساوي إنما يصحُّ حالة الكمال، والرطب قد ينقص إذا جفَّ عن اليابس نقصًا لا يتقدَّر وهو قول الجمهور، وأصرح من ذلك حديث سعد بن أبي وقاص: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن بيع الرطب بالتمر فقال:((أينقص الرطب إذا جفَّ؟)) ، قالوا: نعم، قال:((فلا إذًا)) ؛ أخرجه مالك وأصحاب السنن وصحَّحه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، انتهى.
قوله:((كيلاً)) ذكر الكيل ليس بقيد هنا؛ لأن المسكوت عنه أَوْلَى بالمنع من المنطوق، والله اعلم.
* * *
الحديث الثامن
عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن".