مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] ، وهو دليلٌ على جواز تخصيص عموم القرآن بخبر الآحاد، والحكمة في النهي عن الجمع بينهما ما يقع بسبب المضارَّة من التباغض والتنافر فيفضي ذلك إلى قطيعة الرحم، والله أعلم.
* * *
الحديث السادس
عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن أحقَّ الشروط أن توفُّوا به ما استحللتم به الفروج)) .
أي: أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح؛ لأن أمره أحوط وبابه أضيق، قال الخطابي: الشروط في النكاح مختلفة: فمنها ما يجب الوفاء به اتفاقًا؛ وهو ما أمر الله به من إمساكٍ بمعروف أو تسريحٍ بإحسان، وعليه حمل بعضهم هذا الحديث، ومنها ما لا يُوفى به اتفاقًا؛ كسؤال طلاق أختها، ومنها ما اختُلِف فيه؛ كاشتراط أن لا يتزوج أو لا يتسرَّى أو لا ينقلها من منزلها، اهـ.
قال الموفق: وإن شرط لها طلاق ضرَّتها، فقال أبو الخطاب: هو صحيح، ويحتمل أنه باطل؛ لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في صحفتها ولتنكح فإن لها ما قدر لها)) ، اهـ.
وعن عبد الرحمن بن غنم قال:"كنت مع عمر حيث تمسُّ ركبتي ركبته، فجاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين، تزوجت هذه وشرطت لها دارها، وإني أجمع لأمري أو لشأني أن أنتقل إلى أرض كذا وكذا، فقال له: اشرطها، فقال الرجل: هلك الرجال إذ لا تشاء امرأة أن تطلق زوجها إلا طلقت، فقال عمر: المؤمنون على شروطهم عند مقاطع حقوقهم"؛ أخرجه سعيد بن منصور.
والحديث دليلٌ على لزوم الوفاء بالشروط وإن لم تكن من مقتضى العقد، قال الترمذي: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من الصحابة، منهم عمر قال:
"إذا تزوج الرجل المرأة وشرط أن لا يخرجها لزم"، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق.