للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالحق، وقال البيضاوي: إنما تواردا على سؤال الحكم بكتاب الله مع أنهما يعلمان أنه لا يحكم إلا بحكم الله؛ ليحكم بينهما بالحق الصرف لا بالمصالحة ولا الأخذ بالأرفق؛ لأن للحاكم أن يفعل ذلك برضا الخصمين؛ يعني: إذا لم يخالف الشرع.

وفيه أن مَن اعترف بالحدِّ وجب على الإمام إقامته عليه ولو لم يعرف شارَكَه في ذلك ويُستَفاد منه الحثُّ على إبعاد الأجنبي من الأجنبية مهما أمكن، وفيه جواز استفتاء المفضول مع وجود الفاضل، وفيه أن الحدَّ لا يقبل الفداء وإنما يجري الفداء في البدن كالقصاص في النفس والأطراف، وفيه أن العقود المخالفة للشرع باطلة مردودة، وفيه جواز الاستنابة في إقامة الحد، وفيه الرجوع إلى العلماء عند اشتباه الأحكام والشك فيها.

قال ابن دقيق العيد: وفي الحديث دليل على أن ما يستعمل من الألفاظ في محلِّ الاستفتاء يتسامح به في إقامة الحد أو التعزير، فإن هذا الرجل قذف المرأة بالزنا ولم يتعرَّض النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمر حده بالقذف وأعرَض عن ذلك ابتداء، ولعله يُؤخَذ منه

أن الإقرار مرَّة واحدة يكفي في إقامة الحد؛ فإنه رتَّب رجمها على مجرَّد اعترافها ولم يقيده بعدد، وقد يستدلُّ به على عدم الجمع بين الجلد والرجم فإنه لم يعرفه أنيسًا ولا أمر به اهـ، والله أعلم.

* * *

الحديث الثالث

عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني - رضي الله عنهما - قالا: "سُئِل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأمَّة إذا زنت ولم تحصن؟ قال: ((إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بضفير)) .

قال ابن شهاب: ولا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة، والضفير: الحبل.

<<  <   >  >>