قوله:((ولم تحصن)) ؛ أي: بالتزويج؛ وأمَّا قوله - تعالى -: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥] ، فيفيد أن الحكم في حقِّهن من الجلد لا الرجم، فحَكَم زناها قبل الإحصان مأخوذ من السنَّة، وبعد الإحصان مأخوذ من الكتاب لأن الرجم لا يتنصَّف فاستمرَّ حكم الجلد في حقِّها.
وعن علي - رضي الله عنه - قال:"أقيموا الحدود على أرقَّائكم مَن أحصن منهم ومَن لم يحصن"؛ رواه مسلم.
قوله:((إن زنت فاجلدوها)) الخطاب لِمَن يملك الأمَة، ففيه دليلٌ على أن السيد يُقِيم الحدَّ على مَن يملكه ولو لم يأذن له الإمام، وهو قول الجمهور، واستثنى مالك القطع في السرقة.
قوله:((ثم بيعوها ولو بضفير)) قال ابن بطال: حمل الفقهاء الأمر بالبيع على الحضِّ على مباعدة مَن تكرَّر منه الزنا لئلاَّ يظن بالسيد الرضا بذلك، ولما في ذلك من الوسيلة إلى تكثير أولاد الزنا، وقال ابن العربي: يُرجَى عند تبديل المحلِّ تبديل الحال؛ لأن للمجاورة تأثيرًا في الطاعة والمعصية، وفي الحديث: أن مَن زنى فأُقِيم
عليه الحدُّ ثم عاد أُعِيد عليه، وفيه الزجر عن مخالطة الفسَّاق ومعاشرتهم، وفيه أن الزنا عيبٌ تنقص به القيمة عند كلِّ أحد.
* * *
الحديث الرابع
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: "أتى رجل من المسلمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فناداه فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه فتنحَّى تلقاء وجهه، فقال: يا رسول الله، إني زنيت، فأعرض عنه حتى ثنَّى ذلك عليه أربع مرات، فلمَّا شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:((أبِكَ جنون؟)) ، قال: لا، قال:((فهل أحصنت؟)) ، قال: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((اذهبوا به فارجموه)) ، قال ابن شهاب: فأخبرني