عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: ٣٨] ، والسرقة: أخذ المال من حرز مثله على وجه الخفية والاستتار، قال ابن بطال: الحرز مُستَفاد من معنى السرقة، وقال الجمهور فيمَن سرق فقطع، ثم سرق ثانيًا تقطع رجله اليسرى، ثم إن سرق فاليد اليسرى، ثم إن سرق فالرجل اليمنى، ثم إن سرق عُزِّر وسُجِن، قال ابن عبد البر: ثبَت عن الصحابة قطع الرجل بعد اليد وهم يقرؤون: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] ، كما اتفقوا على الجزاء في الصيد في قتله خطأ وهم يقرؤون:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}[المائدة: ٩٥] ، ويمسحون على الخفَّين وهم يقرؤون غسل الرجلين، وإنما قالوا جميع ذلك بالسنَّة.
قوله:"قطع في مجنٍّ قيمته ثلاثة دراهم" وفي حديث عائشة أن يد السارق لم تقطع على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا في ثمن مجنٍّ: حجفة أو ترس، والمِجَنُّ: بكسر الميم ما يستتر به، والحجفة: الدرقة، قال ابن دقيق العيد: القيمة والثمن قد يختلفان، والمعتبر إنما هو القيمة، انتهى.
والحديث دليلٌ على أنه إذا سرق ثلاثة دراهم أو قيمتها من العروض وجب القطع، ولا يقطع فيما دون ذلك، وإن كان المسروق ذهبًا فلا قطع فيه حتى يبلغ ربع دينار، وفيه دليل على أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب؛ لأن آية السرقة نزلت في سارق رداء صفوان بن أمية أو سارق المجنِّ، وعمل بها الصحابة في غيرهما من السارقين.
* * *
الحديث الثالث
عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن قريشًا أهمهم شأن المخزومية التي سرقت فقالوا: مَن يكلم فيها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؟ فقالوا: ومَن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيدٍ حِبِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلَّمه أسامة فقال:((أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟)) ، ثم قام فاختطب فقال: ((إنما هلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف