تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدَّ، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) .
وفي لفظ:"كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها".
هذه القصة وقعت في غزوة الفتح.
قوله:((لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) أراد المبالغة في إثبات إقامة الحدِّ على كل مكلَّف وترك المحاباة في ذلك، قال الشافعي: ذكر عضوًا شريفًا من امرأة شريفة.
وللنسائي في حديث ابن عمر:((قُمْ يا بلال فخذ بيدها فاقطعها)) .
قوله:"كانت امرأة تستعير المتاع وتجحده"، وللنسائي:"كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده"، قال بعض العلماء: إن القصة لامرأة واحدة استعارت وجحدت، فقطعت للسرقة لا للعارية، قال القرطبي: يترجَّح أن يدها قُطِعت على السرقة لا لأجل جحد العارية، انتهى.
واستدلَّ بهذا اللفظ مَن قال من العلماء يقطع جاحد العارية، وذهب الجمهور إلى أنه لا يقطع في جحد العارية، ويؤيِّده حديث جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ليس على خائن ولا منتهِب ولا مختلس قطعٌ)) ؛ رواه الخمسة.
وفي هذا الحديث من الفوائد: منع الشفاعة في الحدود، وعن ابن عمر قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:((مَن حالت شفاعته دون حدٍّ من حدود الله فقد ضادَّ الله في أمره)) ؛ رواه أحمد وأبو داود.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه رفعه:((تعافوا الحدود فيما بينكم، فما بلغني من حدٍّ وجب)) ؛ رواه أبو داود، قال ابن عبد البر: لا أعلم خلافًا أن الشفاعة في ذوي الذنوب حسنة جميلة ما لم تبلغ السلطان، وأن على السلطان أن يقيمها إذا بلغته، وفيه ترك المحاباة في إقامة الحد على مَن وجب عليه، ولو كان ولدًا أو قريبًا أو كبير القدر والتشديد في ذلك، وفيه جواز ضرب المثل بالكبير القدر للمبالغة في الزجر عن الفعل، وفيه الاعتبار بأحوال مَن مضى