وذبحوا ونصبوا القدور فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقدور فأُكفِئت ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير، فندَّ منها بعير فطلبوه فأعياهم، وكان في القوم خيل يسيرة، فأهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله، فقال:((إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما ندَّ عليكم منها فاصنعوا به هكذا)) ، قال: قلت: يا رسول الله، إنا لاقو العدو غدًا وليس معنا مدًى، أفنذبح بالقصب؟ قال:((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوه، ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك؛ أمَّا السن فعظم، وأمَّا الظفر فمُدَى الحبشة)) .
قوله:"فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقدور فأُكفِئت" عامَلَهم - صلى الله عليه وسلم - من أجل استعجالهم بنقيض قصدهم عقوبةً وزجرًا لهم.
قوله:"ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير" هذه قسمة تعديل بالقيمة، ولا يخالف ذلك القاعدة في الأضاحي كما في حديث جابر عند مسلم:"أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منَّا في بدنة".
قوله:"فندَّ منها بعير"؛ أي: شرد وهرب نافرًا.
قوله:((إن لهذه البهائم أوابد)) جمع آبدة، يُقال: أبدت؛ أي: نفرت.
قوله:((فما ندَّ عليكم منها فاصنعوا به هكذا)) ، وللطبراني:((فاصنعوا به ذلك وكلوه)) ، وفيه جواز أكل ما رُمِي بالسهم وجُرِح في أيِّ موضع كان من جسده، بشرط أن يكون وحشيًّا أو متوحشًا.
قال البخاري: وقال ابن عباس: ما أعجزك من البهائم ممَّا في يديك فهو كالصيد، وفي بعير تردَّى في بئرٍ من حيث قدرت عليه فذكِّه، ورأى ذلك عليٌّ وابن عمر عائشة، اهـ.