للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الجمهور.

قوله: "إنا لاقو العدو غدًا وليس معنا مدًى" جمع مدية وهي السكين، قيل: مراده أنهم يحتاجون إلى ذبح ما يأكلونه ليتَّقوا به على العدو إذا لقوه، فسأل عن الذي يجزئ في الذبح، وفيه إشارة إلى أن الذبح بالحديد كان متقررًا عندهم جوازه.

قوله: ((ما أنهر الدم)) ؛ أي: أساله وصبَّه بكثرة، ((وذكر اسم الله عليه فكلوه)) ، وللطبراني من حديث حذيفة رفعه: ((اذبحوا بكلِّ شيء فرى الأوداج، ما خلا السن والظفر)) وفيه اشتراط التسمية؛ لأنه علَّق الإذن بمجموع الأمرين وهما الإنهار والتسمية، فمَن تركها متعمِّدًا حرمت ذبيحته.

قال البخاري: وقال ابن عباس: مَن نسي فلا بأس، وقال - تعالى -: {وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} [الأنعام: ١٢١] ، والناسي لا يسمَّى فاسقًا.

قوله: ((أمَّا السن فعظم)) ؛ أي: وكل عظم لا يحلُّ الذبح به.

قوله: ((وأمَّا الظفر فمُدَى الحبشة)) ؛ أي: وهم كفار، وقد نُهِيتم عن التشبُّه بهم، وقد قالوا: إن الحبشة تُدمِي مذابح الشاة بالظفر حتى تزهق نفسها خنقًا.

وفي الحديث من الفوائد أن للإمام عقوبة الرعية بما فيه إتلاف منفعة ونحوها إذا غلبت المصلحة الشرعية، وأن قسمة الغنيمة يجوز فيها التعديل والتقويم، ولا يشترط قسمة كلِّ شيء منها على حِدَة، وأن ما توحَّش من المستأنس يُعطَى حكم الوحشي وبالعكس، وجواز الذبح بما يحصل به المقصود سواء كان حديدًا أو حجرًا أو قصبًا أو خشبًا أو غيره، إلا السن والظفر، وفيه جواز عقر الحيوان النادِّ لِمَن عجز عن ذبحه؛ كالصيد البري والمتوحِّش من الإنسي ويكون جميع أجزائه مذبحًا فإذا أصيب فمات من الإصابة حلَّ، أمَّا المقدور عليه فلا يُباح إلا بالذبح أو النحر إجماعًا، وفيه التنبيه على أن تحريم الميتة لبقاء دمها فيها، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنه إذا قطع الحلقوم والمريء والودجين وأسال الدم حصلت الذكاة وفيه منع الذبح بالسن والظفر متَّصلاً كان أو منفصلاً طاهرًا أو متنجسًا.

* * *

<<  <   >  >>