وإذا كان لكل وسيلة جمهور خاص، وإذا كان المثقفون يفضلون بصفة عامة المطبوعات كوسيلة للحصول على المعلومات بالإضافة إلى المذياع والتلفزيون فإن الأطفال يفضلون الصورة والحركة والأحاديث.. وهذا ما يقدمه التلفزيون.
إن القدرة الفائقة التي يستطيع بها أن يعرض غرائب الموضوعات تنمي خيال الطفل وإدراكه. كما أن الاعتماد على الصوت والصورة يقوي القدرة التذكرية واسترجاع الأفكار والمشاهد، وهذا ما يجعله وسيله تعليمية مساعدة في نطاق استغلالها تربويا، وهذا من شأنه أن ينمي عواطف إيجابية في الأطفال نحو البحث والاستطلاع والسعي وراء اكتشاف الغموض.
وهذا لا ينفي وجود مظاهر سالبة لمشاهدة التلفزيون، نجد منها على الأطفال ما يثار فيهم من انفعالات من قبيل الخوف والكره، نتيجة مشاهدة بعض المشاهد للأفلام. إن ملاحظة ما يظهر على ملامح الأطفال من تغييرات تدل على مشاركة وجدانية قوية، كما أن التقنية البارعة للمشاهد التلفزيونية تجعل الطفل يستمر لفترة طويلة بعد المشاهدة تحت تأثير هذه الانفعالات.
ومن السلبيات أيضا إحساس الطفل بالتناقض العاطفي بين الواقع وما يشاهده على شاشة التلفزيون، ففي الأفلام المستوردة وحتى في بعض الأفلام العربية يعيش الطفل العربي هذا التناقض بين بيئة المحافظة التي يعيشها والبيئة الثقافية التي يشاهدها على الشاشة ومنها الزي أو الملابس الخليعة والمناظر الخليعة، فيقع الطفل في صراع بين قولنا له "عيب" أو "حرام" وبين صورة البطل الذي يراه ويشاهده على الشاشة الصغيرة وربما نشاهده معه في نفس اللحظة. مما يعرض قيمه الأخلاقية والدينية لبعض من الذبذبة وعدم المعقولية.
وفي قرب العاشرة من العمر خاصة، وهي ما تعرف برحلة التشكك عند الطفل فيما يدور حوله من أفكار الكبار وتوجيهاتهم بدافع نمو قدرته على النقد، تصبح الذبذبة في القيم الأخلاقية الدينية صعبة. وعندما يطغى حب بطل الشاشة يكون الطفل مهيأ بطبعه لتقليده، وهنا يكون التلفزيون عارضا لنماذج يمكن أن يتقمصها الطفل، وذلك تحت شروط سبق أن تعرضنا لها. وهذا ينعكس على