وتتمثل في النظم الاجتماعية التي تشكلها جملة الأفعال والأفكار التي يجدها الأفراد أمامهم جاهزة ومفروضة عليهم، وقد يتجاوز عليها بعض الثوار أو المفكرين والمصلحين ويغيرونها ويجددونها، فإذا حدث التغيير في هذه النظم وأثبت فعاليته يصبح الجديد مفروضا على هؤلاء المجددين وبقية أفراد المجتمع والأجيال المتعاقبة إلى أن يأتي ثوار جدد.
وفيما يلي سوف نعرض لأهم النظم الاجتماعية:
أ- نظام الاقتصاد:
تتميز الحياة الاقتصادية لكل بيئة اجتماعية بنوعية خاصة، بناء على طبيعة ما تنتجه وما تستهلكه في ضوء كونها زراعية أو صناعية.
والطفل الذي يربى في ظل حياة اقتصادية زراعية أو صناعية مثلا يتأثر بها، بناء على الوضع الذي هي عليه من حيث الكم والكيف ومن حيث القوانين المنظمة والمبادئ بها مثل:
١- مبدأ توزيع الثروة:
وأول ما يحدده هذا المبدأ درجة الغنى والفقر التي تكون عليه أسرة الطفل في ضوء كسب قوة حياة الأسرة بالجهد الشاق أو الجهد المعتدل في ضوء الآفاق السهلة أو المعقدة العسيرة للغنى.
وهذا يؤثر فيما يمكن أن يوفر من غذاء وملبس وتعليم ومستوى ذلك الذي توفره. ولا تؤثر درجة الغنى والفقر فيما ذكرناه، بل في درجة حرمانه من عواطف الأم. ففي الظروف الصعبة ربما اضطرت الأمهات إلى ترك أطفالهن لساعات أو طوال اليوم للعمل خارج المنزل من أجل توفير ما يسد رمق الأسرة أو أكثر بقليل.
وتحت هذا الوضع وعند إحساس الطفل، تتكون بذور الكراهية والنفور من بعض فئات المجتمع المحظوظة، وتنمو بذور احتقار النفس والشعور بالنقص.
وربما قال البعض إن أمامنا بعض الحالات التي كانت على شكل أطفال محرومين تمكنوا بجهودهم أن ينجحوا ويحصلوا على الثروة، ولكن ذلك لا يستتبعه بالضرورة سلامة البناء النفسي لأغلبهم، فضلا عن شخصيته البخيلة الشرسة. إن من المعروف أن أبناء الفقراء يدركون وحدة النقود في مجتمعهم أكبر من حجمها بالنسبة لغيرهم من الأطفال الأغنياء.