بينما يكون عدم الطاعة من الأشياء التي تقلق الآباء فإننا يجب أن نكون حريصين على التفرقة بين الطاعة اللازمة لصحة وسلامة الأبناء وبين الطاعة لمجرد الطاعة فقط. وفي بعض الأوقات نجد أننا نطلب من الأطفال فعل أشياء ليست من الأهمية بمكان أو لمجرد أنها مناسبة لها "هيا نلعب بالمكعبات الآن" ألق هذا الشيء في صندوق القمامة احضر لي كوبا من الماء ولكي تطالبه بالطاعة لكل طلب أو سؤال فإن ذلك فه إساءة للتعامل معه وسوف يؤثر عليه بشدة فيما بعد.
فإذا أصبح الطفل مفرطا في الطاعة فسيعتقد أن الطاعة شيء جميل وطيب ومن ثم فإنه سيطيع كل من حوله حتى الأغراب، وهذا ما لا يجب أن يراه الآباء، والأخطر من ذلك أن الإفراط في الطاعة يمكن أن تكون للطلبات غير المعقولة، وغالبا ما تكون من الأصدقاء في مثل سنة فإن معظم الأطفال لا يقبلون أن تؤخذ منهم لعبهم أو يتعرضوا لأي أذى دون أن يدافعوا عن أنفسهم لكن المفرط في الطاعة يفعل ذلك. وإذا كان هناك أحد يطيع بدرجة ١٠٠% فلن تكون عنده المقدرة على التفرقة بين الحقوق الاجتماعية له وبين الخطأ منها.
أحد أبحاث Stanley Milgram في جامعة ستانفورد أظهرت أن الطلبة الأمريكيين بالجامعات يطيعون عندما يطالبون بأن يصدموا طالبا آخر معهم صدمة كهربية "بعيدا عن مستوى الخطر طبعا" ما دام هذا الأمر من المدرس الذي يقف معهم في المعمل، وحتى لو رأوا الضحية تنزف من الألم.
قد تظن لأول وهلة أن هذا المثل مرحلة غير التي نتحدث فيها ولكن في الحقيقة أنه يتعلق بالموضوع تماما فهو يظهر لنا أن الإفراط في الطاعة أو عدم الطاعة هما وجهان لعملة واحدة سيئة وهي الضرر بصحة وسلامة الطفل.
نحن نستخدم الأوامر ونطالب بالاستجابة لكل الأوامر. وهناك مفهومان مهمان جدا يجب ألا ننساهما:
أولا: عندما تكون الاستجابة مطلوبة ومهمة فيجب أن نعطي التعليمات والأوامر بحزم وصرامة ووضوح، ويظهر ذلك من تعبير الوجه الذي يقول للطفل "إنني أعني ذلك"، وعدم الاستجابة في هذه الحالة مرفوض تماما. وعندما يؤمر الطفل بالطاعة فيجب أن تشرح له أهمية ذلك ليتعلم القواعد التي تجعله يستجيب. ويتحتم على الآباء تقييم كل موقف يأمروا فيه أطفالهم أن يستحيبوا له.
ثانيا: نحن نعلم الطفل كلما كبر عدم الطاعة لكي يكون عنده المقدرة على التفرقة بين الصواب والخطأ وبين المعقول واللامعقول فعله. وعندنا من الأمثلة الكثير لإعطائها له والتي تجمع بين الطاعة وعدم الطاعة في موقف واحد "إذا قام بتوصيلك جارك إلى المنزل فلا مانع، أما إذا لم تكن تعرف هذا الشخص فيجب أن ترفض وتهرب منه".