اليوم الخامس عشر لا يقمط وتطلق الأم حريته، ولا تبقيه في مهده فقط بل تضعه داخل حاجز معد ليلعب داخله، وإذا بكى تأخذه في حضنها وتربت عليه وتحدثه بحنان.
ويستخدم الوالدان الآن مع الطفل لغة الرضع إلى أمد طويل، ويعاملانه بلطف، ويحرصان على تعليمه السلوك المهذب، "قل شكرا، قل صباح الخير ... " والآباء أصبحوا لا يطلبون من الأطفال أي عمل زراعي ومنزلي إلا النادر، وأصبحوا يعدون لهم جداول لأنشطة وألعاب ومذاكرة، بالإضافة إلى الحرص على اشتراك الأطفال في عالم أكثر اتساعا من مجتمع القرية.
ولم يعد الصمت والملاحظة هما أداة الأطفال في جلسات الكبار، وحتى تلاميذ المدارس أصبحوا يهتمون أكثر بالكراسة الشخصية التي يجمعون فيها كل ما يروق لهم عن الشعراء أو الأدب والطقس أو الضغط الجوي أو حياة الحيوان، لقد تخلص الأطفال من الجداول الملزمة للأعمال المنزلية أو الزراعية أو المدرسية.
٣- مراعاة الفروق بين الجنسين:
في الماضي لم تكن هناك فترات تعطى للتسلية سواء للأولاد أو البنات وأقصى ما يعطون أن تذهب البنات إلى مقر حياكة الملابس، ينصتن إلى القصص المكررة التي تقصها متعلمات الخياطة ... اللائي يقال عنهن إنهن طائشات ... وكان الأولاد يترددون على محلات صناعة القباقيب الذي يصبح يوم الأحد حلاقا للذقن، أو إلى الحداد الذي يسقي الخمر للشاربين بعد أن ينتهي من عمله، ويستمعون فقط إلى حكايات الكبار عند الصيد والعمل.
وكان لكل جنس منذ الطفولة انطباعاته، فالأولاد لهم أفكار حرة عن الصبر والانتخابات، وللبنات لغة الجنس وأسرار القلوب.
وفي الأعياد الدينية ينتظم الأولاد والبنات في مجموعات تجوب أنحاء القرية بالمرور، مرددة دعاء للأهالي في عبارات مثل "صحة طيبة"، "سنة سعيدة" ويحصلون مقابل ذلك على بعض من قطع الحلوى والسكر.
والأولاد والبنات أحيانا يمرحون خلف ما يتابعونه من قطيع، وهناك في الحقول بعيدا عن العيون المراقبة باستمرار تبدأ المداعبت بين الأولاد والبنات، أثناء