ونعود من جديد الآن لنكرر بعد عرض هذه النظريات، أن كلا منها ليس كافيا لتفسير عملية التنشئة الاجتماعية، وأن التكامل بين هذه النظريات في تفسير تلك العملية، أهم وأجدى، مع عدم إهمال دور العوامل الثقافية والاجتماعية في تفسير تلك العملية وبخاصة أننا نعلم أن التنشئة ميكانيزم لنقل دعائم الثقافة. وهذا ما دعا "سويف" إلى أن يرى كل طفل إنساني يدخل مجتمعه وهو موضع اهتمام سابق على قدومه إلى الحياة. فإن هذا الاهتمام السابق على وجود الطفل له دوره في تحديد إجراءات التنشئة التي سوف يتلقاها مع مراعاة أن المتلقي كائن بشري يحمل في طياته عددا من المحددات الجبلية الولادية التي تضع قيودا على حرية فعل البيئة الاجتماعية، وأنه يحمل في أعماقه تاريخ خبراته الذاتية التي تشكل إرجاع استجاباته لأنماط التربية والمتغيرات والظروف الثقافية الاجتماعية المحيطة به. وهذا ما يجعلنا أمام شخصيات تختلف فيما بينها رغم اتفاق مطالب البيئة الثقافية والاجتماعية.