الجنود، وإبعاد الأصدقاء عن بعضهم البعض، ومنع أشكال التعارف لكي لا يجد الأسير الطمأنينة في الصحبة، وأغري الأسرى الضعفاء بالمعاملة الخاصة كي يبلغوا عن رفاقهم، وأظهرت هذه المعاملة للأسرى غير الضعفاء حتى تنخفض الروح المعنوية وتنهدم، ومع ذلك فقد بقي كل أسير في حالة من الحيرة حول ما إذا كان هناك عملاء سريون بين الأسرى. وحينما أصبح الأسرى شبه معزولين وحيدين على هذا النحو أجبروا على الاستماع إلى أفكار دعائية مستمرة تلقن الجوانب السالبة في حياتهم السابقة والجوانب الإيجابية في حياتهم المستقبلة إذا اتبعوا الأوامر الصينية، وقد أرغم الأسرى على المشاركة بفعالية ونشاط في عملية إعادة تصوراتهم عن قياداتهم الأمريكية عن طريق الاعتراف بالأخطاء التافهة التي تحدث في جيشهم الأمريكي، هذه الاعترافات التي كانت تدعم بالمكافآت بالإضافة إلى التهديدات لغير الراغبين في الإدلاء باعترافات.
لقد شعر الأسرى بالوحدة والخوف وعدم الثقة بين بعضهم البعض، وملأت عقولهم الدعاية، والشعور بالتقبل والمعاملة الحسنة إذا تغيرت معتقداتهم، والثقة في ظهور الرعب إذا بدت منهم أدنى مقاومة. ورغم انهيار بعض الأسرى بسبب أوجه النقص في تنشئتهم الاجتماعية المبكرة، وانحنى بعض الأسرى قليلا ثم استعادوا قواهم، وتمرد كثرة منهم ضد عملية غسيل المخ Brain washing المتبعة معهم، فمات بعضهم، وعموما فشل الصينيون في مهمتهم، ورغم أنه من غير المعروف على وجه التحديد لماذا فشلوا، ولكن يأتي مع فشلهم ما ظهر من فعالية وقوة عمليات التنشئة التي جعلت هؤلاء الأسرى الأمريكيين على هذا الصمود، لدرجة أن أحد الأسرى أخذ يقرأ بصوت مرتفع فقرة من كتاب كارل ماركس بلهجة فكاهية مما أدهش الصينيين عدم الخوف والإصرار الذي يظهر على من هم مثل الأسير.