للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدد الأفراد الذين تضمهم ففي أشكالها البدائية كانت تضم بالإضافة إلى هؤلاء الأجداد والأحفاد والحلفاء والأنصار. وإذا كانت مجتمعاتنا العربية ما تزال تضم نماذج من أسر ممتدة، كما هو شائع في الأسر القروية والأسرة البدوية، وبعض الأسر الكبيرة في المدن، إلا أن الشائع الآن هو الأسرة النواة التي تشمل الأبوين والأولاد.

ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على وظيفتها في إعداد أفرادها لحياة المستقبل، ومن المهم هنا أن نلاحظ فيما يخص الوظيفة التربوية للأسرة أن تقلصها من حيث الامتداد لا يعني بالضرورة تناقصها في التأثير من حيث العمق.

وفي أغلب الدراسات التي تناولت الأسرة يحاول الباحثون إيجاد العلاقة بين خصائص الوالدين واتجاهاتهم وأساليبهم في معاملة الأبناء، وبين شخصية هؤلاء الأبناء أو النمو العقلي أو الاجتماعي لهم. ولقد كانت هذه الدراسات تضع في حسبانها أن أسلوب الوالدين يقرر سلوك الأبناء متعاملة مع الأمر بمعالجات ارتباطية لا تعلن عن سبب ونتيجة.

فنتائج الدراسات التي انتهت إلى وجود علاقة بين العقاب الجسدي وجنوح الأبناء الذكور لا تعنى أن اتباع الآباء لهذا الأسلوب أدى إلى زيادة سلوكهم المنحرف، فربما شارك مع العقاب الجسدي من الوالد سرعة غضب الطفل وكثر إلحاحه في الطلبات مما جعل الوالد يقبل على أساليب قاسية وشديدة للسيطرة، يمكن أن تكون قد بدأت بالمعقولية وتوضيح المبررات وتفسير الأمور دون جدوى، مما جعله يتبع أساليب أشد من سابقتها مثل الحرمان من الرحلات أو منع الخروج مع الأصدقاء أو حتى مشاهدة التلفزيون، وجاءت أساليبه الجديدة غير مجدية. وربما أصاب الوالد الإحباط وخيبة الأمل، فأسرف في العقاب القاسي للتغلب على تمرد الطفل.

وهكذا يدفع الأطفال والديهم أحيانا للإقبال على أساليب للمعاملة لم تكن في الحسبان، بل نبعت من خصائص وسلوكيات الأطفال أنفسهم أو خصائصهم كما اتضح في نموذج الوالدية المقترح في هذا الكتاب، وكما سوف يتضح في الفصل السادس. وليس من الإنصاف أن نقول إن مثل هذا النوع من الأطفال

<<  <   >  >>