المشاهد أن بعض الأطفال ابتداء من عمر الثالثة يبدءون في إظهار مثل هذه المشاعر المتناقضة في الظاهر لعاطفة الإعجاب بالأب عندما يقول بعضهم مخاطبا الأب: لماذا تفعله أنت؟ أو يخاطب الأم قائلا: لماذا يفعله أبي ولا أفعله أنا؟.
إن عاطفة الإعجاب بالأب تنشأ في جوها السليم عندما يشعر الطفل بأنه مرغوب فيه ومحبوب. فانعدام النضج الانفعالي لدى بعض الآباء كانعدام الرغبة في الأطفال تؤدي إلى أسوأ الآثار العاطفية على الأطفال ومن المعروف في مثل هذه الأحوال عن الآباء أنهم يتخذون لموقفهم من الأبناء تبريرات مصطنعة، كأن يعلل بعضهم ذلك بأسباب اقتصادية أو اجتماعية، بينما يكشف التحليل عن عوامل نفسية لا شعورية لمواقفهم تلك. ويؤكد ذلك ما هو معروف في آباء آخرين من تقبل لأطفالهم وحسن معاملتهم وعلاقتهم بهم مع سوء حالتهم الاقتصادية.
وعلى ذلك يمكننا القول أنه بالإمكان أن تنشأ عاطفة الإعجاب بالأب تيسر إدماج عالم الأبوة في عالم الطفل، وتسهل بالتالي عملية التمثيل والاقتداء، ومن ثم التنشئة الأسرية المنشودة. وإن انخفاص مستوى النضج الانفعالي للأب سواء تجلى في مظهر الرفض اللاشعوري للطفل، أو في مظهر العلاقة الاستحواذية به، ذات الحب التملكي، لا يؤدي إلى انحراف عاطفة الإعجاب بالأب لدى الطفل فحسب، بل يؤدي إلى آثار نفسية تنعكس على الأب نفسه ويكون لها ردود أفعال على ذلك الصغير الذي يجب أن يكون في حالة انفتاح لعالم الأبوة، فلا يجد ما يحاكي من نماذج سوى مظاهر مرضية.