للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعلمون ما فيه لضربوا إليه أكباد الإبل، وروى نافع عن ابن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى إلى الأساطين الثلاث في مسجد قباء التي في الرحبة، قلت: لما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة نزل في بني عمرو بن عوف بقباء في منزل كلثوم بن الهرم، وأخذ مربده١ فأسسه مسجدا، وصلى فيه، ولم يزل ذلك المسجد يزوره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مدة حياته ويصلي فيه أهل قباء فلما توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم تزل الصحابة تزوره وتعظمه، ولما بنى عمر بن عبد العزيز مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- بنى مسجد قباء ووسعه وبناه بالحجارة والجص، وأقام فيه الأساطين من الحجارة داخلها عواميد الحديد والرصاص ونقشه بالفسيفساء وعمل له منارة وسقفه بالساج وجعله أروقة وفي وسطه رحبة وتهدم حتى جدد عمارته جمال الدين الأصبهاني وزير بني زنكي الملوك ببلاد الموصل٢.

وذرعت مسجد قباء فكان طوله ثمانية وستين ذراعا تشف قليلا وعرضه كذلك، وارتفاعه في السماء عشرون ذراعا وطول منارته من سطحه إلى رأسها اثنان وعشرون ذراعا، وعلى رأسها قبة طولها نحو العشرة أذرع وعرض المنارة من جهة القبلة عشرة أذرع شافة، ومن المغرب ثمانية أذرع، وفي المسجد تسعة وثلاثون أسطوانا بين كل أسطوانين سبعة أذرع شافة، وفي جدارنه طاقات نافذة إلى خارج في كل جانب ثمان طاقات إلى الجانب الذي يلي الشام، والثامنة فيها المنارة فهي مسدودة والمنارة عن يمين المصلى وهي مربعة.

مسجد الفتح:

أنبأنا حنبل بن عبد الله الرصافي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الخضر أخبرنا أبو علي بن المهذب أنبأنا أبو بكر القطيعي حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي حدثنا أبو عامر كثير يعني ابن زيد، حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال: حدثني جابر بن عبد الله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا في مسجد الفتح يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فاستجيب له يوم الأربعاء بعد الصلاتين، فعرف البشر في وجهه، أنبأنا القاسم بن علي أخبرنا هبة الله بن أحمد أخبرنا أبو منصور بن شكرويه أخبرنا إبراهيم بن عبد الله حدثنا أبو عبد الله المحاملي حدثنا علي بن سالم حدثنا إسماعيل بن أبي فديك عن معاذ بن سعيد السلمي عن أبيه عن جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مر بمسجد الفتح الذي على الجبل وقد حضرت صلاة العصر فرقي فصلى فيه صلاة العصر، وروى هارون بن كثير عن أبيه عن جده أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق دعا على الأحزاب في موضع


١ المربد: موضع يجفف فيه التمر "وهو الجرن والجرين والمسطح".
٢ وذلك عام ٥٥٥هـ، وقد جدد أيضا عام ٦٧١هـ، وعام ٧٣٣هـ في عهد الناصر بن قلاوون، وعام ٨٤٠هـ، وعام ٨٨١هـ، وفي عهد السلطان عبد المجيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>