وتوليتهم لما كان بيده من الحجابة، والسقاية، والرفادة، والندوة، واللواء، والقيادة، وتفسير ذلك.
قال ابن إسحاق١: فلما كبر قصي ورق عظمه، وكان عبد الدار بكره، وكان عبد مناف قد شرف في زمان أبيه، وذهب كل مذهب، وعبد العزي، وعبد قصي، قال قصي لعبد الدار: أما والله يا بني لألحقنك بالقوم، وإن كانوا قد شرفوا عليك، لا يدخل رجل منهم الكعبة حتى تقوم أنت بفتحها لهم، ولا يعقد لقريش لواء لحربها إلا أنت بيدك، ولا يشرب رجل بمكة إلا من سقايتك، ولا يأكل أحد من أهل الموسم طعاما إلا من طعامك، ولا تقطع قريش أمرا من أمورها إلا في دارك.
فأعطاه دار الندوة التي لا تقضي قريش أمرا إلا فيها، وأعطاه أيضا الحجابة، واللواء، والسقاية، والرفادة.
وكانت الرفادة خرجا تخرجه قريش في كل موسم من أموالها إلى قصي بن كلاب، فيصنع به طعاما للحاج، فيأكله من لم يكن له سعة ولا زاد؛ وذلك أن قصيا فرضه على قريش، فقال لهم حين أمرهم به: يا معشر قريش، إنكم جيران الله -تعالى- وأهل بيته، وأهل الحرم، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الضيف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم؛ ففعلوا، وكانوا يخرجون لذلك كل عام من أموالهم خرجا، فيدفعونه إليه، فيصنع به طعاما للناس أيام منى، فجرى ذلك من أمره في الجاهلية على قومه حتى قام الإسلام، ثم جرى في الإسلام إلا يومنا هذا؛ فهو الطعام الذي يصنعه السلطان كل عام بمنى للناس، حتى ينقضي الحج.