للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣- خزانات ماء الشرب ١:

كان أهل المدينة المنورة في الجاهلية، وصدر الإسلام، يستقون من آبارها الشهيرة بعذوبة مائها: كبئر "بضاعة"، وبئر "أريس" وبئر "بيرحاء"، وبئر "غرس"، وبئر "رومة"، وبئر "البصة"، وبئر "السقيا"، وبئر "ذروان"، وبئر "عروة"، وبئر "أبي أيوب".

وما زال هذا شأن أهل المدينة المنورة، حتى انتقلت الخلافة من الكوفة إلى دمشق، وأصبح معاوية بن أبي سفيان هو الخليفة؛ فأحب أن يتخذ يدا عند أهل المدينة المنورة؛ فبعث إلى واليه فيها "مروان بن الحكم". وكان ذلك في طليعة النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وأمره بإجراء الماء من الضواحي إلى البلدة كما رأى ذلك في دمشق، وأمده من أجل ذلك بكل ما يحتاجه من أموال ورجال وآلات وسوى ذلك.

وبعد أن استقر رأي الخبراء على أن يكون مأتى الماء من ضاحية قباء لعذوبة مياهها وغزارتها. طفقوا يحفرون الأنفاق للديل٢ وقد فرح أهل المدينة بذلك. وسموا عين الماء التي جرت إليهم بالعين الزرقاء نسبة إلى مروان الذي كانت عيناه زرقاوين.

وقد ظل مصدر العين الزرقاء من بئر الأزرق الواقعة غربي مسجد قباء، مدة من الزمن، ثم ضوعف ماؤها من آبار كثيرة، وينابيع شتى، في عصور مختلفة على جملة من الأيدي البارة المحسنة.

وقد وافت عين الزرقاء المدينة المنورة وهي منخفضة؛ لذلك شيدت لها جملة مناهل ذات دركات يهبط منها إليها كمنهل الزكي، ومنهل درب الجنائز، ومنهل باب السلام، ومنها حارة الأغوات ومنهل مسجد المصلى، ومن المناهل ما جعل كآبار يجذب الماء من "الديل" بواسطة الدلاء كمنهل أبي جيدة الواقع قريبا من الجسر.

ومنهل الباب المصري، ومنها باب بصرى، ومنهل الباب الشامي.


١ راجع ص١١١ مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف.
٢ الديل: هو جدول الماء، والجمع ديول، وهو اللفظ المطلق لدى أهل المدينة حتى اليوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>