للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباب الخامس عشر: في ذكر وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه رضي الله عنهما

روي عن أبي مويهبة مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جوف الليل فقال: يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه؛ فلما وقف بين أظهرهم قال: السلام عليكم يا أهل أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى. ثم أقبل علي وقال: يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيخ خزائن الدنيا والخلد فيها، ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي الجنة قال: فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله فخذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، قال: لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة، ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف فبدأ برسول الله وجعه الذي قبضه الله فيه.

وروي عن عائشة رضي الله عنها قالت: رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من البقيع فوجدني وأنا أجد صداعا في رأسي، وأنا أقول وارأساه فقال: "بل والله يا عائشة وارأساه"؛ فقال: "وما ضرك لو مت قبلي فقمت عليك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك"، قالت: قلت: لكأني بك قد فعلت ذلك، ثم رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت: فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتتام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى اشتد به وجعه وهو في بيت ميمونة فدعا نساءه وكن تسعا: عائشة وحفصة وأم سلمة وأم حبيبة وسودة وزينب وميمونة وجويرية وصفية فاستأذنهن على أن يمرض في بيت عائشة فأذن له فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمشي بين العباس وعلي رضي الله عنهما عاصبا رأسه تخط قدماه الأرض حتى دخل بيت عائشة ثم حم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واشتد وجعه فقال: "هريقوا علي من من سبع قرب من آبار شتى حتى أخرج إلى الناس فأعهد إليهم" فأقعدوه -صلى الله عليه وسلم- في مخضب وصبوا عليه الماء وخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر فصلى على أصحاب أحد واستغفر لهم وأكثر الصلاة عليهم ثم قال: "إن عبدًا من عباد الله خيره الله عز وجل بين الدنيا والآخرة وبين ما عنده فاختار ما عنده" قال: ففهمها أبو بكر، وعرف أن نفسه يريد وقال: بل نحن نفديك بأنفسنا وأبنائنا، ثم قال رسول الله عليه السلام: "يا معشر المهاجرين استوصوا بالأنصار خيرًا فإن الناس يزيدون والأنصار على هيئتها لا تزيد وإنهم كانوا عيبتي التي آويت إليها فأحسنوا إلى محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم" ثم نزل فدخل بيته وتتام به وجعه، وروى البخاري في الصحيح من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت أحدا الوجع عليه أشد من رسول الله.

وفيه أيضا من حديث عبد الله بن مسعود قال: دخلت على النبي وهو يوعك فقلت: يا رسول الله إنك توعك وعكا شديدا قال: "أجل إني أوعك كما يوعك رجلان

<<  <  ج: ص:  >  >>