في ذكر الأماكن المباركة التي ينبغي زيارتها الكائنة بمكة المشرفة وحرمها وقربه:
هذه الأماكن مسجد ودور وجبال ومقابر، والمساجد أكثر من غيرها إلا أن بعض هذه المساجد مشتهر باسم المولد، وبعضها باسم الدار، وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر هذين الأمرين قريبا، والمقصود ذكره هنا ما اشتهر من ذلك بالمسجد الحرام فمن ذلك:
مسجد بقرب المجزرة الكبيرة من أعلاها على يمين الهابط إلى مكة ويسار الصاعد منها، يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه المغرب على ما وجدت بحجرين فيه، أحدهما: بخط عبد الرحمن بن أبي حرمي، وفيه: أنه عُمِّرَ في رجب سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وفي الآخر: أنه عمر في سنة سبع وأربعين وستمائة.
وطول هذا المسجد من الجدار الذي فيه بابه إلى الجدار المقابل له: سبعة أذرع إلا ربعا، بذراع الحديد المستعمل في القماش بديار مصر ومكة، وعرضه: خمسة أذرع وثمن. وذلك من الجدار الذي فيه محرابه إلى الجدار المقابل له، وكان تحرير ذلك بحضوري. وبين باب هذا المسجد وجدار باب بني شيبة أحد أبواب المسجد الحرام: خمسمائة ذراع وعشرة أذرع ونصف ذراع اليد المتقدم ذكره، ويكون ذلك بذراع الحديد أربعمائة ذراع وستة وأربعين ذراعا وخمسة أثمان ذراع ونصف ثمن، وحرر ذلك بحضوري أيضا.
ويوهم بعض أهل العصر أن هذا المسجد هو الذي ذكر الأزرقي أن عنده قرن مسقلة عند موقف الغنم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم باع الناس عنده يوم فتح مكة على ما يقال، وسبب هذا التوهم: أن المسجد الذي ذكرنا ذرعه وشيئا من خبره يلحق بجبل وعنده الآن سوق الغنم، وليس هذا التوهم صحيحا، لأن الجبل الذي عنده هذا المسجد هو المشرف على المروة، ويسمى جبل الديلمي على ما ذكره الأزرقي، وهو في شق معلاة مكة