ذكر هذا الخبر جماعة من العلماء مطولا ومختصرا، كما ذكرته في أصل هذا الكتاب، واقتصرت هنا من ذلك على ما ذكرته عن الإمام أبي القاسم الزمخشري لحسن اختصاره مع ما فيه من الفوائد، ونص كلامه:
روي أن أبرهة بن الصباح الأشرم ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي بنى كنيسة بصنعاء، وسماها القليس، وأراد أن يصرف إليها الحاج، فخرج رجل من كنانة فقعد فيها ليلا، فأغضبه ذلك، وقيل: أججت رفقة من العرب نارا، فحملتها الريح فأحرقتها، فحلف ليهدمن الكعبة، فخرج من الحبشة ومعه فيل اسمه محمود، وكان فيلا عظيما، واثنا عشر فيلا غيره، وقيل: ثمانية، وقيل: كان معه ألف فيل، وقيل: كان وحده، فلما بلغ المغمس١خرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع، فأبى، وعبأ جيشه، فقدم الفيل، فكانوا إذا وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح، وإذا وجهوه إلى اليمن أو إلى غيره من الجهات هرول، فأرسل الله إليه طيرا سوداء، وقيل: خضراء، وقيل: بيضاء، مع كل طائر حجر في منقاره وحجران في رجليه، أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة، ثم قال: فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره، وعلى كل حجر
١ المغمس: بفتح الميم الأولى وضمها، واد قريب من مكة من ناحية الشرق "الروض الأنف ١/ ٦٨".