وبعد، فإن كتاب الفاسي بحق دائرة معارف رفيعة في تاريخ الإسلام والبلد الحرام والبيت والكعبة، وفي التاريخ العربي بوجه عام.
ونحن على ثقة من أن مجهود الفاسي في هذا الكتاب يكاد لا يضارعه مجهود مؤلف آخر، وشفاء الغرام أول كتاب كامل يطبع للفاسي، وقد سبق الأوروبيون فطبعوا في أوروبا منتخبات منه منذ نحو ثمانين عاما.
وإن الثقافة العربية لتستبشر اليوم بظهور هذا الكتاب كاملا في ثوب أنيق، وطباعة جميلة.
ونحب أن نشير هنا إلى أن في الكتاب كثيرا من الشعر المهلهل النسج، المضطرب الوزن، وفي بعضه ما لا يظهر معناه. ولولا المحافظة على الأمانة والدقة لألغينا الكثير منه، خاصة، وأن مراجعه معدومة؛ إذ لا يوجد في كتاب آخر وقع في يدنا غير "شفاء الغرام". ويبدو أن نسخ الكتاب كلها قام بنسخها أعاجم فحرفوا كثيرا من الشعر الوارد في الكتاب الذي يصعب فهمه على غير العناصر العربية، فأبدلوا كلمة بأخرى؛ مما جعل الشعر يضطرب.
ويوجد في "شفاء الغرام" نسخة في برلين برقم ٩٧٥٣، ونسخة ثانية في غوطا بألمانيا برقم ١٧٠٦، ونسخة أخرى في باريس برقم ١٦٣٣، وأخرى في الآستانة برقم ٨١٦، وأخرى في مدينة فاس برقم ١٢٨٢.
وقد ساعدنا الحظ في العثور على نسخة خطية جديدة من الكتاب أثناء طبع الجزء الثاني، وهي برقم ٢٠٦٧ تاريخ، وكانت في مكتبة طلعة بالقلعة، ولم تبح دار الكتب المصرية الاطلاع على مخطوطات هذه المكتبة إلا منذ أمد قريب مما سهل علينا العثور على هذه النسخة، وقد صورناها تصويرا "فوتوغرافيا" وراجعنا عليها أصول الجزء الثاني؛ وذلك من بدء الملزمة الثالثة والعشرين، وهذا هو السر في تأخر صدور الجزء الثاني قليلا عن موعده الذي كنا عازمين على إخراجه فيه، وتقع هذه النسخة في ٦٥٤ صفحة، وهي أوضح قليلا من النسختين الخطيتين الأخريين للكتاب، وإن كانت لا تختلف في قليل ولا في كثير عن نسخة دار الكتب المصرية الخطية الأخرى.
وقد نشرت مجلة المنهل الحجازية الغراء كلمة في عددها الأخير الذي ظهر أثناء طبع هذه الخاتمة للأستاذ إبراهيم الدروبي ببغداد أشار فيها إلى أن بالمكتبة القادرية ببغداد نسخة خطية من "شفاء الغرام" رقم ٦٦٣، وقياسها ٢٨ سم ٢٠ سم، وعدد أسطر صفحتها ٢٥ سطرا، ومجموع صحائفها ٦٨٢ صفحة، وهي ناقصة الصحيفة الأولى والورقة الثالثة كلها ويظن أن ثلثي الكتاب من أوله من خطوط أهل القرن العاشر للهجرة، والباقي من خطوط القرن الثاني عشر للهجرة.