إن أخطر ما يخشى على العلم هو تلك الملخصات والكتب المختصرة التي ترسم الحدود ولا تجري الحياة في جسوم الأشخاص والأحداث. وقد يقرأ قارئ ملخصا لسيرة الرسول عليه السلام فيحيط بتاريخ حياته، ولكنه إن قرأ تاريخا مفصلا أحس كأنه يعيش في جو الرسول عليه السلام يتنفسه كأنما هو قائم معه من صحابته يدرك لم فعل الرسول كيت وكيت ولم لم يفعل كذا وكذا.
إن المختصرات التي تكتب الآن بحجة أنا في عصر السرعة إنما هي سمة من سمات الإفلاس الروحي، وإيغال في المادية، وتقرب من الانهيار الحضاري، كما تدل على ذلك تواريخ الأمم البائدة.
حيا الله أولئك الذين يعملون على نشر تراثنا القديم الذي يعتبر أكبر حافز على الاستمرار في نهضتنا العربية الجديدة، وحياهم وبياهم لو أنهم -لصالح النشء من أبناء العروبة المحدثين- صاغوه بأسلوب ونهج العصر الحديث، وأحسب إنهم لفاعلون إن لم يكن اليوم فبعد قليل.
وفقنا الله -جلت قدرته- إلى ما فيه صالح هذا الشعب العربي المجيد، وأمدنا بروح من عنده، إنه سميع مجيب.