للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما بناء الملائكة للكعبة: فذكره الأزرقي في تاريخه١ وذكر أن ذلك قبل خلق آدم عليه السلام واستدل على ذلك بخبر رواه عن زين العابدين، وذكر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أيضا ما يدل لبناء الملائكة للكعبة.

وذكر النووي في "تهذيب الأسماء واللغات"٢ بناء الملائكة للكعبة، وعد ذلك أول بنائها، ولم يذكر بناء آدم للكعبة، وذلك عجيب منه، لأن بناء آدم في الشهرة كبناء الملائكة أو أشهر، وإن كانا غير ثابتين، وكلا البنائين على تقدير صحتهما تأسيس، والله أعلم.

فأما بناء آدم عليه السلام فروينا فيه خبرا مرفوعا في كتاب "دلائل النبوة" للبيهقي، ولفظه: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي قال: حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح قال: حدثنا أبو صالح الجهني قال: حدثني ابن لهيعة، عن يزيد، عن أبي الخير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما: ابنيا لي بيتا، فخط لهما جبريل، فجعل آدم يحفر وحواء تنقل التراب حتى أجابه الماء فنودي من تحته: حسبك يا آدم، فلما بنياه أوصى الله إليه أن طوف به، وقيل له: أنت أول الناس، وهذا أول بيت" ثم تناسخت القرون حتى حجة نوح عليه السلام، ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه قال البيهقي: تفرد به ابن لهيعة هكذا مرفوعا.

وذكر الأزرقي بناء آدم للكعبة واستدل له بخبرين رواهما عن ابن عباس رضي الله عنهما في أحدهما أنه بناه من خمسة أجبل: لبنان، وطور زيتا، وطور سيناء، والجودي، وحراء، حتى استوى على الأرض، وفي الآخر: كان آدم عليه السلام أول من أسس البيت وصلى فيه٣.

وفي "مصنف" عبد الرزاق": أن آدم عليه السلام بنى البيت من هذه الخمسة الجبال، وأن ربضه كان من حراء.

قال المحب الطبري: والمربض هنا هو الأساس المستدير بالبيت.

وذكر الأزرقي بسنده إلى ابن إسحاق ما يدل لبناء آدم الكعبة في أثناء خبر بناء الخليل عليه السلام للكعبة٤.

واختلف هل بناء الملائكة قبل بناء آدم أو بناء آدم قبل الملائكة؟ وذكر الأزرقي رحمه الله ما يشهد للقولين. وذكرنا ذلك في أصل هذا الكتاب.


١ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٣٢، ٣٣.
٢ تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢: ١٢٤.
٣ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٣٧.
٤ أخبار مكة للأزرقي ١/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>