للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أر في تاريخ الأزرقي ذكر الوقت الذي فرغ فيه ابن الزبير من بناء الكعبة، وهو سنة خمس وستين، على ما ذكره المسبحي في "تاريخه" على ما وجدت بخط الحافظ رشيد الدين ابن الحافظ زكي الدين المنذري في اختصاره لتاريخ المسبحي، والله أعلم.

وذكر المحب الطبري ما يقتضي أن فراغ ابن الزبير رضي الله عنهما من عمارة الكعبة كان في ليلة سابع عشر من رجب من سنة أربع وستين لأنه قال في الترجمة التي ترجم عليها بقوله: "ما جاء في عمرة التنعيم" في الباب الثامن والثلاثين من "القرى" بعد أن ذكر اعتمار ابن الزبير رضي الله عنهما من التنعيم لما فرغ من بناء الكعبة١: وذكر أبو الوليد أن هدم الكعبة كان يوم السبت في النصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين، والظاهر أن ابتداء البناء عقيبه، بعد الفراغ منه، وأهل مكة يعتمرون في ليلة سبع وعشرين من رجب في كل سنة، وينسبون هذه العمرة إلى ابن الزبير رضي الله عنهما ولا يبعد أن يكون بناء الكعبة امتد إلى هذا التاريخ، فإن تطابق الناس على ذلك يأثره الخلف عن السلف، وفعله كل سنة بأسبابه تدل على صحة النسبة إليه، وأنه اعتمر في ذلك الوقت، وأن الفراغ من بناء الكعبة كان في هذا التاريخ، والله أعلم.

وقد اختلفت الأخبار فيمن وضع الحجر الأسود في موضعه من الكعبة حين بناها ابن الزبير رضي الله عنهما فقيل: وضعه عبد الله بن الزبير بنفسه، ذكر ذلك الأزرقي في خبر رواه عن الواقدي بسنده؛ لأن فيه: فلما بلغ البناء موضع الركن جاء ابن الزبير رضي الله عنهما حتى وضعه بنفسه، وشده بالقصبة٢ ... انتهى.

وقيل: وضعه عباد بن عبد الله بن الزبير، وهذا في خبر رواه الأزرقي٢ ذكر فيه أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أمر ابنه عبادا وجبير بن شيبة أن يجعلا الركن في ثوب ويخرجاه، وهو يصلي بالناس في صلاة الظهر في يوم شديد الحر، لئلا يعلم الناس بذلك فيتنافسوا في وضعه، وفيه: ففعلا ذلك، وفيه: فكان الذي وضعه في موضعه هذا عباد بن عبد الله بن الزبير، وأعانه عليه جبير بن شيبة.

وقيل: وضعه حمزة بن عبد الله بن الزبير بأمر أبيه، نقل ذلك السهيلي٣ عن الزبير بن بكار.

ورأيت في تاريخ الأزرقي وكتاب الفاكهي ما يقتضي أن الحَجَبة وضعوه في موضعه ومعهم حمزة بن عبد الله بن الزبير، والله أعلم بالصواب.


١ القرى "ص: ٦٢٢".
٢ أخبار مكة للأزرقي "١/ ٢٠٨.
٣ الروض الأنف ١/ ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>