للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلطنته- على كسوة الكعبة في كل سنة، وعلى كسوة الحجرة النبوية والمنبر النبوي في كل خمس سنين مرة، وهذا الوقف قرية بضواحي القاهرة في طريق القليوبية مما يلي القاهرة اشتراها الملك الصالح من بيت المال ووقفها على ما ذكر فيها، ولم يكسها أحد من الملوك بعد ذلك إلا أخوه الملك الناصر حسن، إلا أن كسوته لم تكن لظاهر الكعبة، وإنما هي لباطنها، وهي الكسوة التي في جوفها الآن. وبلغني أنها كانت أطول من هذا بحيث تصل إلى الأرض، وهي الآن سائرة لمقدار النصف الأعلى وسقفها، وهي حرير أسود، وفيها جامات مزركشة بالذهب وهي الآن ساترة لمقدار النصف الأعلى وسقفها، وهي حرير أسود، وفيها جامات مزركشة بالذهب، ما خلا شقة من السقف بين الأسطوانتين اللتين تليان الباب، فإنها كمخة حرير حمراء، وفي وسطها جامة كبيرة مزركشة بالذهب، وكان إرسال السلطان حسن بهذه الكسوة في سنة إحدى وستين وسبعمائة١.

وبلغني أنه كان في جوف الكعبة قبلها كسوة للملك المظفر صاحب اليمن، والملك المظفر أول من كسا الكعبة من الملوك بعد انقضاء دولة بني العباس من بغداد وذلك في سنة تسع وخمسين وستمائة٢ واستمر يكسوها عدة سنين مع ملوك مصر وانفرد بكسوتها في بعض السنين، وكان المتولي لذلك غالبا.

وأول من كساها من ملوك مصر بعد بني العباس الملك الظاهر بيبرس البندقداري الصالحي. وأول سنة كسى فيها الكعبة سنة إحدى وستين وستمائة٣.

وممن كسا الكعبة من غير الملوك: الشيخ أبو القاسم رامشت صاحب الرباط بمكة، كساها من الحبرات، وغيرها، فكانت كسوته بثمانية عشر ألف دينار مغربية: على ما قال ابن الأثير٤:، وقيل بأربعة آلاف دينارن وذلك في سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة٥.

والكعبة تكسى في عصرنا هذا يوم النحر من كل سنة، إلا أن الكسوة في هذا اليوم تسدل عليها من أعلاها، ولا تسبل حتى تصل إلى منتهاها على العادة، وهي شاذوران الكعبة إلا بعد أيام من يوم النحر، ويأخذ سدنتها بنو شيبة يوم النحر ما بقي على الكعبة.


١ إتحاف الورى ٣/ ٢٨٠، العقد الثمين ١/ ٥٩.
٢ العقد الثمين ٧/ ٤٨٩، العقود اللؤلؤية ١/ ١٣٣- ١٣٥ إتحاف الورى ٣/ ٨٤، غاية الأماني ١/ ٤٥٠.
٣ إتحاف الورى ٣/ ٨٧، درر الفرائد "ص: ٢٨٠ العقد الثمين ١/ ٥٩.
٤ الكامل في التاريخ ١١/ ٦١٥.
٥ الكامل لابن الأثير ١١/ ٢٧، البداية والنهاية ١٢/ ٢١٢، إتحاف الورى ٢/ ٥٠٥، العقد الثمين ٤/ ٣٨٦ درر الفرائد "ص: ٢٥٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>