للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما يلي البركة المعروفة ببركة الصارم١، وارتفع جدر السورين عما كانا عليه، ويذكر أنهما يرفعان أكثر ويعمل لهما شرفات، ويكمل الخلل الذي في سور باب المعلاة وهذه العمارة في النصف الثاني من سنة ست عشرة وثمانمائة من جهة الشريف بدر الدين حسن بن عجلان الحسني٢ نائب السلطنة ببلاد الحجاز أدام الله له الرفعة والإعزاز٣.

وسبب ذلك أن ابن أخيه السيد رميثة بن محمد بن عجلان هجم على مكة ودخلها في طائفة من أصحابه في ضحوة يوم الخميس الرابع والعشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، ومال إليه جماعة من المولدين الذين كانوا بمكة وخرجوا جميعا منها، ولم يحدثوا بها كثير حدث لتخوفهم من وصول السيد حسن بن عجلان إليهم فيستأصلهم، لكثرة من معه وقلتهم. وكان مدة مكثهم بمكة ساعة فلكية أو أزيد. ولما توجه "رميثة" لمكة لم يكن لعمه علم به، ولما علم بذلك أتى مكة مسرعا ودخلها من درب المعلاة، ورأى أوائل عسكره أصحاب "رميثة" خارجين من مكة، فتبعهم السيد حسن في عسكره قليلا، ثم أعرض عنهم رحمة لهم. وكان بين الفريقين بعد ذلك منازلات وأمور كثيرة.

ثم إن بعض عسكر السيد حسن هدم عدة مواضع من سور باب المعلاة من جانبيه، منها: موضع كبير يلي الجبل الشامي عند البرج الذي هناك سعته نحو عشرة أذرع حتى اتصل الهدم بالأرض، ومنها: موضع نحوه من الجانب الآخر يتصل ببركة الصارم، وذلك في يوم الثلاثاء خامس وعشرين شوال سنة تسع عشرة وثمانمائة، ثم أعيد بناء جميع ما تهدم من هذا السور كما كان، في بقية شوال٤.


١ لا توجد بركة جهة المعلاة بهذا الاسم الآن، وإنما توجد بركة باسم الشامي: فلعلها هي، ولعل تحريفا وقع من الناسخ، ويقول السباعي في كتابه "تاريخ مكة": كانت بركتا المعلاة تقعان خلف السور مباشرة، فلعل هذه إحداهما.
٢ كان الحسن بن عجلان نشيطا في تعمير مكة، وقد جدد بيمارستان المستنصر العباسي، وأعده لإيواء الفقراء والمرضى والمجانين، وذلك في التاريخ الذي ذكره الفارسي في ٢٤ ربيع الآخرة سنة ٧٩٨هـ وقد تنازل الشريف حسن عن إمارة مكة وكتب إلى صاحب مصر يطلب الموافقة على تنازله لولديه: بركات، وإبراهيم، فوافاه المرسوم سنة ٨٢٤هـ بتأييد بركات دون إبراهيم، وقد دامت ولاية الشريف حسن وولده بركات إلى أوائل سنة ٨٢٧هـ حيث انتقلت في هذا التاريخ إلى مناوئيهما من بني عمومتهما من أولاد "رميثة" ولكن الشريف حسن وابنه بركات استطاعا العودة إلى الإمارة بتأييد الملك برسباي، وقد مات الشريف حسن في ١٦ جمادي الآخرة سنة ٨٢٩هـ، "انظر ترجمته في: الضوء اللامع ٣/ ١٠٣ رقم ٤١٧".
٣ إتحاف الورى ٣/ ٥٠٥، والعقد الثمين ٤/ ١١٧.
٤ إتحاف الورى ٣/ ٥٣٣، ٥٣٤، العقد الثمين ٤/ ١٢٤، والسلوك للمقريزي ٤/ ١: ٣٧١، وإنباء الغمر ٣/ ٩١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>