للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن سعيد بن المسيب قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى نسكه دخل البيت، فلم يزل فيه حتى أذن بالظهر على ظهر الكعبة، وأقام رسول لله صلى الله عليه وسلم بمكة ثلاثا، فلما كان ظهر اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو بن حويطب بن عبد العزى، ورسول الله جالس في مجلس من الأنصار يتحدث مع سعد بن عبادة، فقال: يا محمد قد انقضى أجلك فاخرج عنا، وكان صلى الله عليه وسلم قد تزوج بميمونة الهلالية في طريقه، وذكر مناشدة سهيل النبي صلى الله عليه وسلم إلى "سرف" وتعريسه فيه بميمونة، ولم يذكر المحب الطبري من خرج هذا الخبر ولا الخبر الأول، وهما يقتضيان دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في عمرة القضية، وخبر سعيد بن المسيب أصرح، لما فيه من القضايا التي وقعت في عمرة القضية على ما جاء في غير هذا الخبر، وهو تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، وسؤال سهيل بن عمرو النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج من مكة وجواب النبي صلى الله عليه وسلم له على نحو ما في هذا الخبر، ولست واثقا بصحة ما فيه من دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة، وأذان بلال رضي لله عنه الظهر عليها، وعلى تقدير صحتها فإنهما يخالفان ما رويناه في الصحيحين، عن إسماعيل بن أبي خالد قال: قلت لعبد الله بن أبي أوفى: أدخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في عمرته؟ فقال: لا انتهى.

والمراد بهذه العمرة عمرة القضية على ما قال العلماء، كما قال النووي عنهم في شرح مسلم وغيره.

وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكر السبب الذي لأجله لم يدخل النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في عمرة القضية، كما هو مقتضى هذين الخبرين، وإنا ذكرناهما لغرابتهما.

وأما دخوله صلى الله عليه وسلم في يوم الفتح وحجة الوداع: فهو رأي أبي حاتم بن حبان، لأنه جمع بذلك بين اختلاف بلال وأسامة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة، ونص كلامه والأشبه عندي أن يحمل الخبران على دخولين متغايرين، أحدهما يوم الفتح وصلى فيه، والآخر في حجة الوداع ولم يصل فيه ... انتهى.

وقد وافق ابن حبان على ما ذكره من دخول النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: البيهقي، لأنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في داخل الكعبة في حجة الوداع، حكى ذلك عن البيهقي: ابن جماعة في منسكه.

وأما دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة في ثاني يوم فتح مكة: كما هو مقتضى حديث أسامة رضي الله عنه الذي جمع به ابن جماعة: فلم أر أحدا من أهل العلم قال به إلا ابن جماعة في منسكه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>