للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروينا في مسنده١ عن الفضل بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الكعبة وسبح وكبر ودعا الله عز وجل واستغفر ولم يركع ولم يسجد.

وروينا عن الفضل أيضا: أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة، قال: فلم يصل فيها ولكنه لما دخلها وقع ساجدًا بين العمودين ثم جلس يدعو ... انتهى.

ولا تضاد بين قوله في هذا الحديث: "وقع ساجدا"، وبين قوله في الحديث الذي قبله: "ولم يسجد" لاحتمال أن يكون أراد بقوله: ولم يسجد، أي: في صلاة، ويؤيده قوله: "ولم يركع" والركوع إنما يكون في صلاة، ويكون سجود النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة على تقدير ثبوت الحديث المتضمن لذلك شكرا لله تعالى، وقد أشار المحب الطبري، إلى التوفيق بين هذين الحديثين بما ذكرناه٢، والله أعلم.

ومن الأمور التي قيل إن النبي صلى الله عليه وسلم صنعها في الكعبة، صبه الماء على جسده صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك الفاكهي، لأنه قال: حدثنا سلمة بن شبيب أبو عبد الرحمن، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: سمعت أبا قدامة عامر الأحول يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بدلو من ماء فصبه عليه في الكعبة ... انتهى.

وهذا غريب جدا، ولذا ذكرناه، والله أعلم بصحته، ولا أعلم أحدا من أهل العلم قال باستحبابه٣، والله أعلم.

ومن الأمور التي صنعها النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة على ما قيل: إنه ألصق بها بطنه وظهره كما رويناه في معجم ابن قانع، لأنه قال: أخبرنا حسين بن اليماني، قال: حدثنا سهل بن عثمان العسكري، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن سليمان عن عبد الله بن مسلم بن هرمز، عن عبد الرحمن الزجاج قال: أتيت شيبة بن عثمان فقلت: يا أبا عثمان، زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فلم يصل، فقال: كذبوا لقد صلى بين العمودين ركعتين ثم ألصق بها بطنه وظهره ... انتهى.

وقد أشار شيخنا الحافظ العراقي إلى استحباب هذا الفعل في الكعبة، وبدل لذلك ما رويناه في "مسند الشافعي" عن عروة بن الزبير أنه كان إذا طاف بالبيت استلم الأركان كلها وألصق بطنه وظهره وجنبه بالبيت ... الخ.

ورأيت لغير واحد من العلماء ما يقتضي عدم استحباب ذلك، لأن المحب الطبري قال في "القرى": ما جاء في كراهية أن يلصق ظهره إلى الكعبة:" عن عطاء، وقد سئل


١ مسند أحمد ١/ ٢١٠.
٢ القرى "ص: ٥٠١".
٣ أخبار مكة للفاكهي ٥/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>