للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر الفاكهي خبرا يقتضي أن الولاة حولته إلى مكانه هذا، وهذا يفهم أن الذي رده غير عمر رضي الله عنه فيتحصل فيمن رده إلى موضعه الآن ثلاثة أقوال: أحدها: أنه النبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أنه عمر.

والثالث: غبر عمر رضي الله عنه، والله أعلم.

والمشهور أنه عمر، وردّ الخبر الذي ذكره الفاكهي عن سعيد بن جبير ما يفهم أن رد عمر رضي الله عنه للمقام إلى موضعه الآن لئلا تطؤه الناس، والمعروف أن رد عمر رضي الله عنه له إلى موضعه الآن لكون السيل المعروف بسيل أم نهشل أزاله عن موضعه الأول، والله أعلم.

وذكر الفاكهي خبرا يقتضي أن رجلا من آل عائذ بن عبد الله بن مخزوم قال لعمر رضي لله عنه إنه يعلم موضع المقام الأول، والمعروف أن الذي قال ذلك لعمر هو المطلب بن أبي وداعة السهمي، كما ذكر الأزرقي١، والفاكهي، وغيرهما والله أعلم.

وما ذكره ابن سراقة في ذرع ما بين موضع المقام الآن ووجه الكعبة لا يستقيم، لنقص ما ذكره ابن سراقة في ذلك عما ذكره الأزرقي، لأن فيه نقصا كثيرا، والذراع الذي حرر به ابن سراقة ذراع اليد، وكذلك الأزرقي، وفيما ذكره ابن سراقة نظر من غير هذا الوجه.

وذكر ابن جبير في أخبار "رحلته" ما يقتضي أن الحفرة المرخمة التي في وجه الكعبة علامة موضع المقام في عهد الخليل عليه السلام إلى أن رده النبي صلى الله عليه وسلم إلى الموضع الذي هو الآن مصلى٢. وفي هذا نظر، لأن موضع المقام الآن هو موضعه في عهد الخليل عليه السلام من غير خلاف عُلِمَ في ذلك، وأما الخلاف ففي موضعه اليوم، هل هو موضعه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر ابن أبي مليكة، أو لا كما قال مالك، والله أعلم.

وفي كلام ابن جبير نظر من وجه آخر بيناه في أصل هذا الكتاب، والله أعلم.

ولم أر في تاريخ الأزرقي ذكر السَّنة التي رد فيها عمر رضي الله عنه المقام إلى موضعه هذا لما غيره عنه السيل٣، وهو سنة سبع عشرة من الهجرة على ما ذكره ابن جرير، وكذا ابن الأثير في "كامله"٤، وقيل: ثماني عشرة، ذكره ابن حمدون في "تذكرته"، والله أعلم بالصواب.


١ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ٣٣.
٢ رحلة ابن جبير "ص: ٦٢".
٣ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ٣٥.
٤ تاريخ الطبري ٤/ ٦٨، وإتحاف الورى ٢/ ٧، والكامل لابن الأثير ٢/ ٢٢٧، والذهب المسبوك "ص: ١٤"، وأخبار مكة للأزرقي ٢/ ٦٨، ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>