للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه إلى الأزرقي قال: فغورها من رأسها إلى الجبل أربعون ذراعا، كله بنيان، وما بقي فهو جبل منقور، وهو تسعة وعشرون ذراعا.

قلت: هذا مخالف لما تقدم في غورها، والله أعلم بالصواب.

وبه إلى الأزرقي قال: وذرع حنك زمزم في السماء: ذراعان وشبر، وذرع تدوير فم زمزم: أحد عشر ذراعا، وسعة فم زمزم: ثلاثة أذرع وثلثا ذراع١ ... انتهى.

وقد اعتبر بعض أصحابنا بحضوري ارتفاع فم زمزم عن الأرض، وسعته، وتدويره، فكان ارتفاع فمها في السماء: ذراعين إلا ربعا، وسعته: أربعة أذرع ونصف، وتدويره: خمسة عشر ذراعا إلا قيراطين، كل ذلك بذراع الحديد المشار إليه.

وأما صفة الموضع الذي فيه زمزم: فهو بيت مربع، وفي جدرانه تسعة أحواض للماء، تملآن من بئر زمزم، ليتوضأ الناس منها، إلا واحدا منها معطلا، وفي الحائط الذي يلي الكعبة، شبابيك، وهذا البيت مسقوف بالساج ما خلا الموضع الذي يحاذي بئر زمزم، فإنما عليه شباك خشب، ولم أدر من عمل هذا الموضع على هذه الصفة، وهي غير الصفة التي ذكرها الإمام الأزرقي فيه.

وكانت ظلة المؤذنين التي فوق البيت الذي فيه بئر زمزم قد خربت لأكل الأرضة لأساطينها الخشب والأرضة دابة صغيرة كنصف العدسة، تأكل الخشب وتفسده كثيرا فشدت الظلة المذكورة بأخشاب تمنعها من السقوط في سنة إحدى وعشرين وثمانمائة، فلما كان السابع من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثمانمائة هدمت الظلة المذكورة، وأزيل المقرنص الخشبي الذي كان تحتها ليصلح، والدرابزين الذي كان يطيف بها وبسطح البيت الذي فيه بئر زمزم، فوجد الخشب المقرنص مركبا خرابا لأكل الأرضة له، فاقتضى الحال قلعه، وأن يبنى فوق الجدار الذي يلي الكعبة، والجدار الذي يلي مقام الشافعي، والجدار الذي يلي الخلوة التي إلى جانب هذا البيت أساطين دقيقة من آجر بالنورة لئلا تفسدها الأرضة كما أفسدت الأساطين الخشب قبلها، ليعمل عليها ظلة للمؤذنين، وأن يقوى الجدار الشامي من هذا البيت، وهو الجدار الذي يلي مقام الشافعي بزيادة بناء في عرضها، فسلخ الجدران المشار إليها من أعلاها إلى الأرض، وأوسعوا في أساس الجدار الذي يلي الكعبة نحو ذراع باليد، وذلك لإحكام البناء، ونزلوه به في الأرض نحو قامة، وبنوا ذلك مخالطا للأساس الأول ووجدوا الأساس الذي يلي مقام الشافعي عريضا محكم البناء، فبنوا عليه وأكملوا بناء ما سلخ من الجدارين حتى


١ أخبار مكة للأزرقي ٢/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>