للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "النوادر" لابن أبي زيد المالكي ما يقتضي أن الخارج من المسجد الحرام مسافرا خرج من باب المسجد المعروف الآن بباب العمرة في الجانب الغربي، فينبغي للمسافر أن يخرج منه أو من باب زيادة إبراهيم، أو من باب الحزورة، والله أعلم.

ونص ما في "النوادر" على ما نقل الأشنائي في شرحه لمنهاج النووي بعد أن ذكر أن "النوادر" أهمل بيان الباب الذي يخرج منه المسافر من المسجد الحرام، ففي "النوادر" عن ابن جبير: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد من باب بني شيبة، وخرج إلى الصفا من باب بني مخزوم، وإلى المدينة من باب بني سهم١ ... انتهى.

وباب بني سهم: هو باب المسجد الذي أشرنا إليه، كما يقتضيه كلام الأزرقي وغيره كالأشنائي، باستحباب الخروج منه للمسافر إلى بلده.

وذكر عن الرافعي: أن الأصحاب أطلقوا استحباب دخول المسجد الحرام من باب بني شيبة لمن كان في طريقه، ولمن لم يكن في طريقه، ولا كذلك الثنية العليا، فإن الدخول منها إنما يستحب لمن كانت في طريقه، على خلاف في ذلك. والفرق بينه وبين باب بني شيبة: أن دوران المسجد لأجله لا عسر فه، ولا كذلك الدوران للدخول من الثنية العليا إذا لم يكن في الطريق، والله أعلم.

الثاني: التنعيم المذكور في حد الحرم من جهة المدينة النبوية، وهو أمام أدنى الحل، على ما ذكر المحب الطبري، قال: وليس بطرف الحل، ومن فسره بذلك تجوز وأطلق اسم الشيء على ما قرب منه، وأدنى الحل إنما هو من جهته، ليس موضع في الحل أقرب إلى الحرم منه، وهو على ثلاثة أميال من مكة، والتنعيم أمامه قليلا في صوب طريق وادي مر الطهران ... انتهى بنصه٢.

وقال صاحب "المطالع": التنعيم من الحل بين مكة وسرف على فرسخين من مكة، وقيل: على أربعة أميال، وسميت بذلك لأن جيلا عن يمينها يقال له: نعيم، وآخر عن شمالها يقال لها: ناعم، والوادي: نعمان ... انتهى.

والإحرام من الحل الذي في جهة التنعيم للمقيم بمكة أفضل من الإحرام من الحل الذي في بقية جهات الحرم، ما خلا الجعرانة، فإن الإحرام منها أفضل عند مالك، والشافعي، وابن حنبل، وغيرهم من العلماء رحمة الله تعالى عليهم أجمعين.

الثالث: ثبير، الذي يقولون في الجاهلية إذا أرادوا أن يدفعوا من المزدلفة: أشرق ثبير كيما نغير، ولا يدفعون حتى يروا الشمس عليه، وهو جبل بالمزدلفة على ما ذكر.


١ رحلة ابن جبير "ص: ٨٣، ٨٤".
٢ القرى "ص: ٩٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>